مقطع من رواية قنابل الثقوب السوداء « شرارة الحرب العالمية الثالثة »
وتركّزتْ القوّات الأجنبيّة في المناطق الحيويّة من معابر ومسطحات مائيّة ومضايق وكذلك مناطق الحدود بين الدول العربيّة المتنازع عليها ، ومن مناطق منابع الماء إلى روافدها تركّزتْ أوروبا هناك بحجة القضاء على حرب عربيّة شاملة بين المنطقة بعضها من بعض ، لكن الغرض الأساسيّ هو ضرْب الاقتصاد الأسيويّ والتحكم في سير التجارة العالميّة .
وعلى الصعيد الآخر لم تسكت آسيا ولم تعبأ بقرارات الأمم المتحدة لأنّها لا تعترف بها ، فزحفتْ هي الأخرى نحو المنطقة وتمركزتْ أيضًاً في بعض الممرّات والمعابر والمضائق الحيوية .
ولم يكن تمركزها هذا وليد اليوم ، فهي معدة مسبقًا خطة دفاع استيراتيجي في حال زحْف القوات الأمريكيّة وحلفائها إلى المنطقة العربيّة .
ومنذ بدْء دخول القوات الأجنبيّة تزايد عدد الوافدين إلى مصر من رجال الأعمال العرب ونظرائهم من الغرب .
وفدوا من أجل الحفاظ على دمائهم وأموالهم ، تلك الأموال المعرّضة للنهب والسلب على إثر الفوضى العارمة التي تجذّرتْ في أنحاء المنطقة العربيّة وبعض الدول الأجنبيّة .
ففي بعض الأراضين الأجنبيّة التي تعرضت للضربات الأخيرة قامت شعوبها بالثورات ، فخشي رجال الأعمال الكبار على مصانعهم وأموالهم فوفدوا إلى
مصر التي أصبحت دار أمن ، يقيمون مصانعهم ويضعون عملاتهم الأجنبيّة في مصارفها .
وشرعوا في بناء المصانع واستصلاح الأرضين وبناء ناطحات السحاب .
ولكي يحققوا ذلك اضطروا لبيع عملاتهم الأجنبيّة ليشتروا العملة المحليّة فضلا عن أنّ مهديّ منع تداول الدولار بين أيدي رجال الأعمال والمستثمرين .
وبدأ الجنيه المصريّ يتعافى شيئًا فشيئًا ، وبمرور الوقت بدأ يرتفع ، وعلى لسان أحد خبراء الاقتصاد قال يبدو أنّ الجنيه المصريّ في الفترة القادمة سيصبح بنصف دولار .
ولقد تحوّل ظنّ مهديّ إلى يقين ، وشعبه في طريقه للرخاء بعد الأحداث التالية ..
في الحقيقة أنّ الصراع بدأ أول ما بدأ هناك ، هناك في تايون منذ نحو سبع سنوات تقريبًا عندما دخلت القوات الأمريكيّة ردًا على الرفض المتكرر من الصين بعدم تعويم اليوان ، وكان صراعًا يأخذ محمل الهزل ، أمَا وقد تمرّكزتْ الكتلتين في المنطقة العربيّة بات الصراع فيها يأخذ محمل الجد .
وعلى أثره وجّهتْ الصينُ أسلحتها النوويّة إلى مناطق تمركز القوات الأمريكيّة هناك .
والآن بدأ الصراع الغربيّ الأسيويّ في المناطق الاستيراتيجيّة في سوريا واليمن وغيرها من المناطق الهامة كالمعابر والمضايق والقنوات فضلاً عن هذا الصراع القديم في تايوان .
وبالنسبة لقناة السويس فخرجتْ من حسابات الكتلتين وذلك بسبب تماسك البني الداخليّة لها تماسكًا متينًا بفضل القائد مهديّ والقوات المسلحة التي ظهرتْ معادنها الثمينة حين تمّ تجميد مرتباتهم لمدة ثلاثة أعوام .وللأسف لم يمنع مهديّ أيّ سفن حربيّة عبر قناة السويس كي لا ينقض الاتفاقات الدوليّة من جهة ومن جهة أخرى لا يجعل دولته عرْضة للهجوم بسبب عدم توفير الدعم اللوجستيّ لسفنهم الحربيّة .
وانقسمَ العالم آنذاك الى كتلتين ، أمريكا وحلفائها من الغرب ومن جهة أخرى روسيا والصين وحلفائهما .
وتحوّلتْ الجيوش العربيّة من حرّيتها إلى تبعيتها للاستعمار الجديد ، وذاقتْ الشعوب مرارة ظلميْن ، ظلم الحكام العرب العملاء آنذاك وظلم رقّ الاستعمار .
وطفح على الأرضين العربيّة كثير من المنظمات الإرهابيّة والعصابات ، وعاد عصر الفتوات حتى أنّهم باتوا يرتدوا اللاسات والجلابيب ويحملون النبابيت .
ودُقّتْ طبول الحرب ، ولم تكن بدايتها على أرض العروبة ، بل بدأتْ في تايوان كما ذكرت سالفًا ، تبادل إطلاق النيران بين الصين وأمريكا من أجل استعادة تايوان .
تبادل الاثنان الأسلحة الكيماويّة والجرثوميّة وأكثر المتضرّرين من هذه الهجمات مدنيى تايوان والصين .
ولأنّ العالم مقبلٌ على حرْبٍ نوويّة في الشرق الأوسط ، ولأنّ وجود أمريكا في تايوان احتلال صارخ ، لم تكتفِ الصين باستخدام الأسلحة الكيماويّة والجرثوميّة بل هددت بالنوويّ مباشرة حيث قالتْ على وسائل إعلامها أنّه لا مفرّ من استخدام الرؤوس النوويّة لتحرير تايوان ..ثمّ تابعتْ كلامها ..
أمّا الحرب الدائرة الآن في منطقة الشرق الأوسط فلن تكون الصين البادئة في استخدام االصواريخ النوويّة العابرة للقارات ، وإذا استخدمتها أمريكا فلا بديل لنا إلّا ضرْب المنطقة كلّها بترسانة الأسلحة النوويّة التي تمتلكها الصين وحلفاؤها .
وهذا موقف طبعيّ من الصين ، ففي المطامع يغلب على القوى الطامعة في التورتة طبْع الانتقادات واستخدام الأسلحة التقليدية والتلويح من بعيد بإطلاق الرؤوس النوويّة ، لكن عندما يتعلق الأمر بأخذ قطعة من أرضين أحدهما فليس لدى المحتل إلّا التهديد المباشر باستخدام النوويّ .
وعلى أرض سوريا تبادل إطلاق النيران بين القوات الغربيّة الأمريكيّة المتمركزة في أحد جهاتها وهي منطقة الشمال وبين السوفييت والمتمركزة في الجنوب هي وحلفائها .
كذلك بدأ الصراع الحربيّ وسقوط آلاف القتلى والجرحى حول المعابر والمضائق التي تؤمّن الدعم اللوجستيّ للنفط والغاز والسفن الحربيّة المحملة .
وقد بدا واضحًَا من خلال المعارك أنّ كفّة الأمريكان وحلفائها أرجح قليلاً .
ونتيجة ذلك ، تزايد عدد الوافدين أكثر وأكثر من كلّ أرض إلى مصر هروبًا من الحرب وتداعياتها مما كان له عظيم الأثر في زيادة الاحتياط الأجنبيّ من العملة الأجنبيّة الدولاريّة وغيرها إثر قدومهم بأموالهم وإنفاقها ، ونتيجة لذلك لم يتوانَ البنك المركزيّ المصريّ في طبع النقود المحليّة ليل نهار التي تستقرّ في جيوب الأجانب بعد تخلصهم من العملة الاجنبيّة التي لديهم .
والغلاء ارتفع عالميًا بطريقة لم تحدث منذ الحرب العالميّة الثانية 1945..ولقد حققتْ سياسة الرئيس مهديّ ارتفاع الناتج المحليّ بقيمة لم يشهدها الاقتصاد المصريّ من قبل .
كما أنّه جنّب مصر بذكائه وقوّته الخوض أو المشاركة في الحرب العالميّة الثالثة .
وأنشأ حضارة وجد فيها المواطن المصريّ العزة والكرامة والعدل ، حضارة من أنفاق الثري إلى قمم الشموس .
وبدأتْ أنفاق المواطنين المصريّين تُردم شيئًا فشيئًا ، والخيام الورقيّة والصوفيّة تتحوّل إلى أطلال رغم أنّ القليل من الشعب بكى على هذه الأطلال الورقيّة والصوفيّة ، لأنّهم أصلاء وهؤلاء هم أنفس معادن الناس .
وبدأتْ المنازل تُشيّد ..وتمّ استيراد الكثير من الملابس الحريريّة والقطنيّة الفاخرة من الخارج التي أقبل عليها المصريون يرتدونها داعيين لفهمان ومهديّ بطول البقاء .
بقلمي : ابراهيم أمين مؤمن