بقلم الكاتب مصطفى كمال الأمير
هناك لعنة أصابت مصر في مقتل وهي لعنة الإنقسام والتصنيف السياسي والديني والطائفي
فأنت إما إخوانياً ارهابياً أو سلفياً وهابياً
أو من فلول النظام السابق لمبارك وحزبه الوثني
أو شيوعياً يسارياً أو ليبرالياً علمانياً
أو قبطياً مسيحياً من النصاري حسب التعبير السلفي الخاطئ
والتعبير الأدق أنهم أقباط مصريين لأبناء وطن واحد وأصل واحد ومصير واحد
فالمسلمين في مصر الآن في الأصل كانوا أقباطا ثم دخلوا في الإسلام
ودليل ذلك أن الفتح الإسلامي لمصر في 641 م عأم 21 هجرية
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب
بقيادة الصحابي عمرو بن العاص كان في جيش مكون من 7000 رجل فقط
وهو مايعني بكل بساطة أن شعب مصر الآن يناهز اكثر من 100 مليونا من المصريين غالبيتهم من المسلمين حالياً
جلهم في الأساس كانوا من الأقباط
إلا إذا أن تعداد شعب مصر عند فتحها كان يعد فقط بالألاف ..
وبناء عليه فإننا حقيقة وبالفعل نسيج واحد وأصل ودم واحد ووطن واحد وتاريخ من التعايش وقبول الآخر لأربعة عشر قرنا من الزمان
ومن يَدعي بأنه صاحب البلد وأن المسلمين أو الأقباط هم مجرد ضيوف عابرة و عليهم الرحيل سواء الي كندا او السعودية
أو القبول بالقمع والقهر ودفع الجزية للمسلمين
فهو واهم ورأس للفتنة ويساهم في تضليل الناس والبسطاء من عامة الشعب من الطرفين المسلم والمسيحي علي السواء
بالحديث عن نشأة جماعة الإخوان قبل 92 عاما فقط علي يد حسن البنا 1928
هم كانوا فصيلا دينيا بدأ بالدعوة الإسلامية والتكافل وخدمة المجتمع بالاسماعيلية وبمقاومة الإحتلال الإنجليزي بعمليات فدائية بمدن قنال السويس
وحتي تورُطَه بالسياسة عندما حدث الصدام مع الدولة المصرية أيام الملكية وصدور حُكم قضائي بحل الجماعة باعتبارها غير شرعية
وقد رد التنظيم الخاص في الإخوان بإغتيال أحمد الخازندار القاضي الذي اصدر الحُكم بحل جماعتهم
ثم أغتيالهم للنقراشي باشا رئيس وزراء مصر حينها
ثم رد البوليس السياسي للداخلية بإغتيال الشيخ حسن البنا نفسه في 1948
وبدأ إنحراف الجماعة عن مسارها الدعوي والفدائي ضد الإنجليز واليهود في حرب فلسطبن 1948
ثم طمعهم في الوصول الي سدة الحُكم عن طريق ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢
ثم إختلافهم مع البكباشي الرائد جمال عبد الناصر ومحاولة الإخوانجية إغتياله في ميدان المنشية بالأسكندرية عام 1954
وبدأت بعدها الحرب المفتوحة من النظام للتنكيل بهم وبقياداتهم في السجون ثم إعدام مفكرهم سيد قطب أو بهروب قياداتهم وعناصرهم للمنفي الغرب في اوروبا وأمريكا ودول الخليج
ومنها مشيخة قطر التي فر اليها الشيخ القطري يوسف القرضاوي مع إخوانه هناك منذ 50 عاماً
وهنا ننوه الي أن الكثير من أعلام الدعوة الإسلامية كانوا من الإخوان سابقا
ثم إنشقوا عنهم ومنهم الشيوخ العظام محمد الغزالي وحسن الباقوري وسيد سابق والشيخ متولي الشعراوي
ثم حديثا محمد حبيب وكمال الهلباوي ومختار نوح وثروت الخرباوي وعبد المنعم أبو الفتوح بسبب رغبته في الترشح لرئاسة الدولة المصرية والكثيرين غيرهم
ولم ينقص من إسلامهم شيئا بعد خروجهم من الإخوان
بل زادوا توازنا وعُمقا فكريا ودينيا لأنه لا أحد يمتلك توكيلا عن الإسلام سواء من الإخوان أو غيرهم ليوزع صكوك الغفران علي المصريين او المسلمين
وبعد أن لملمت الجماعة نفسها ولعقت جراحها وأعادت حساباتها
وسمح لهم الرئيس انور السادات بالعودة من المنافي للعمل في المجال الديني والسياسي واخرجهم من السجون لمناهضة الشيوعيين اليساريين
لكنهم تمردوا عليه وقاموا بجريمة ارهابية هي اقتحام الكلية الفنية العسكرية ١٩٧٤ لسرقة الأسلحة والذخائر وقتل الجنود المصريين
بعد شهور فقط من انتصار مصر علي إسرائيل بل قاموا باغتيال الرئيس السادات نفسه وكان رئيساً شرعيا لمصر
ثم أعادوا المحاولة بالقفز علي قمة السلطة بعد إغتيال الرئيس الشهيد أنور السادات في 6 أكتوبر 1981
ومحاولتهم في اليوم التالي أقتحام مبني التلفزيون بماسبيرو لإعلان نجاح الإنقلاب وقيام دولة الإخوان الدينية
وبعد أن فشل مخططهم عادوا لمبدأ التقية ومداهنة الحاكم
بل قام مرشدهم انذاك بإرسال برقية تهنئة للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك جاء فيها ( أنه لمن حُسن الطالع أن تبدأ مصر عهدا جديدا مع رئيس يحمل إسمه الحمد والإحسان والبركة)!!!
وبدأت الحرب الباردة والساخنة بين الجماعة والدولة المصرية في عهد مبارك الطويل جداً وزادت وتيرة المواجهة بعد جرائم الإرهاب لجماعة الجهاد والتكفير والهجرة ( شكري مصطفي ) والإغتيال الديني (الشيخ الذهبي) وزير الاوقاف والإغتيال السياسي لرفعت المحجوب رئيس البرلمان والكاتب فرج فودة ومحاولات إغتيال عاطف صدقي وزكي بدر وأديب نوبل نجيب محفوظ ومحاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا بإثيوبيا ١٩٩٤
ثم تفجير معبد الأقصر ومقتل العشرات من السويسريين ومهاجمة السياح أمام فندق أوروبا في الهرم
وتفجيرات سيناء في طابا وشرم الشيخ
مما أشعل الوضع الي مرحلة حرب كسر العضم والتصفية الأمنية والقضائية بينهم وبين النظام في لعبة القط والفأر
للبيان فإن جماعة الإخوان وجماعات الجهاد والعنف السياسي هما وجهان لعملة واحدة في تنسيق متبادل للأدوار
لكن هدفهم واحد وهو إقامة الدولة الدينية
وللحقيقة والإنصاف أن جماعة الأخوان قامت قبل ثورة ٢٥ يناير بتعويض غياب وتقصير الدولة بتقديم خدمات صحية وتعليمية وإجتماعية ودينية في القري والنجوع وفي الأحياء الفقيرة والمهمشة
مما ساهم في بناء قاعدة شعبية وإنتخابية تم إجهاضها في برلمان 2010
مما ساهم في اشعال فتيل الثورة الشعبية في ثورة ٢٥ يناير2011
وتمكنوا بعدها بالفوز بأغلبية البرلمان لأول مرة في تاريخهم
ثم كان سوء آداءهم لقلة الخبرة في برلمان قندهار الذي تم حلُه قضائيا
ليحل محله تشريعيا في سابقة تاريخية مجلس الشوري المُعيَن ثلث أعضاءه من الرئيس المعزول مرسي الإخواني الذي وصل عام ٢٠١٢ الي قصر الرئاسة الشهير بالاتحادية
وكانت نقطة التحوُل الكبري في تاريخهم ومحاولتهم فرض إرادتهم ورؤيتهم علي شعب مصر وإستخدام صندوق الأنتخاب كسُلَم
أو منصة للقفز علي السُلطَة ثم التأسيس لدولة الإخوان وولايه المُرشِد علي غرار ولاية الفقيه في إيران وتقمص القرضاوي لروح الخميني
وهو ما لم ولن يحدث أبدا في مصر سوي في خيالهم الطامع لشهوة السلطة لتنفيذ خطة التمكين لأخونة الدولة المصرية العريقة في عصرها الحديث
لتأكيد وجود الخلل في ميزانهم لاسيما أن الميزان كان رمزا انتخابيا للمعزول مرسي بإنتخابات الرئاسة وبانت أوهامه بجلاء مثل مشروع فنكوش النهضة وإعادة مثلت حلايب وشلاتين “مساحته ٢١ ألف كم ” للسودان
وكان سوف يكتب التاريخ أن اللي بني مصر هو محمد علي الألباني وأن اللي خربها محمد مرسي الإخواني
لولا ثورة الشعب في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لتصحيح مسار الثورة المصرية التي أيدها الجيش بقيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الذي عينه مرسي نفسه بعد الإطاحة بالمشير طنطاوي والفريق عنان في صيف ٢٠١٢
هذه الجماعة الآثمة والفئة الضالة حاولت اغتيال كل رؤساء مصر بعد ثورة يوليو بدءاً من الزعيم جمال عبد الناصر ثم اغتيالهم للرئيس السادات ثم محاولتهم مع مبارك ويبقي علينا الحذر الآن من خطورتهم بمحاولة اغتيال رئيسنا الحالي السيسي لا قدر الله
خرج الخونة أعداء الشعب من مصر هاربين مثل الفئران خائفين مشردين في قطر وتركيا
ولن يعودوا الي مصر أبداً أحياء
إلا في زنازين السجون أو علي أعواد المشانق بعد إعدامهم
أو تنفيذه آلهياً كما حدث مع مرسي وعصام العريان
نحن نحارب عدواً واحداً يقتل الجميع بدون تمييز بين المسلم والمسيحي
“الرصاصة التي تقتلني لا تسألني عن ديني
لدينا ثقة كبيرة في جيشنا وقيادتنا والرئيس السيسي نفسه غير مقصر في اعادة بناء الكنائس وزيارة الكاتدرائية بحضور الأنبا تاوضروس في أعياد الميلاد المجيدة
وتم بناء اكبر كنيسة في افريقيا كلها بجوار المسجد الكبير في العاصمة الإدارية الجديدة
كما طالب الرئيس فضيلة شيخ الأزهر مراراً بضرورة تجديد الخطاب الديني
الشيخ احمد الطيب هو الوحيد في مصر الموجود في موقعه منذ 2010 قبل ثورة يناير وحتي تاريخه
تاريخيا كان الأقباط مضطهدين في مصر قبل دخول الاسلام في “عصر الشهداء”
كما اضطهد الرومان واليهود عيسي المسيح نفسه وأمه العذراء مريم في فلسطين
مما دفعهم للجوء الي مصر التي باركوها وعاشوا فيها سنوات طويلة بكل أمان وسلام
هنا نؤكد أ ن شعب مصر لن يصبح أبداً لاجئا غارقاً يطرق أبواب أوروبا المغلقة
مصر الآن في مرحلة إعادة بناء الدولة التي تحتاج قلوب وسواعد كل المصريين بدون تمييز او عنصرية
نعترف بوجود المشاكل لكننا لا نعيش داخلها
نفكر معاً في الحلول الشافية ولا نبحث عن مبررات واهية
نحاول معاً إطفاء الحرائق
بدلاً من إشعالها بالنفخ في نار الفتنة
علينا التخلص تماماً من عقدة الاضطهاد التي يحاول البعض ترسيخها في عقولنا
المجتمع نفسه مضطهد نفسه سواء مسلمين او مسيحيين
منذ عصر الملكية وبعد قيام الجمهورية ايضًاً
نحن جميعاً ضد التطرّف سواء من الاخوان المسلمين او من ” بعض” الاخوان المسيحيين ايضًاً
لابد من اقتلاع بذور الكراهية وجذور التطرّف والارهاب
علينا الاستفادة من نموذج حي شبرًا الذي يتعايش فيه جميع المصريين بكل حب وسلام
الحب خير يبني الانسان ويصلح الزمان والمكان .
أختم مقالي بهذا النداء الهام للرئيس عبد الفتاح السيسي
بناء علي ثقتي الكبيرة في قيادتك الحكيمة قمت بإنتخابك مرتين للرئاسة في عامي 2014/18
لهذا أنصحك مخلصاً بفك الإرتباط فورًا مع حزب مستقبل وطن ( فلول الوطني )
قبل انتخابات البرلمان الجديد
حتي لا يتكرر سيناريو المخلوع مبارك
لأنه لو تكررت مهزلة مجلس الشيوخ في انتخابات البرلمان الجديد
وسمح الرئيس السيسي بدخول الحيتان وسماسرة البيزنيس
ستكون وصمة عار في جبين مصر بعد ثورتين للحرية والكرامة 2011/13
المرشح للبرلمان يدفع مرتين للحزب بتاعه ويشتري أصوات الناخبين بالمال
طيب ما نجيب من الآخر وكرسي البرلمان ينزل المزاد لمن يدفع أكثر وفلوسه توزع علي فقراء دائرته ولتذهب الديموقراطية الي الجحيم
الديموقراطية ثقافة ونظام يعمل بكفاءة كبيرة عالميا وفي الغرب
لكنه يغرق سريعا في بحر رمال الصحراء وتموت زهرته تماماً في أشواك بلاد العرب
حقيقة ظهرت لنا الآن بعد فوات الأوان
إخوان إبليس سرقوا ثورة 25 يناير 2011 ( حزب الحرية والعدالة )
كذلك فلول مبارك ( حزب مستقبل وطن )
سرقوا ثورة 30 يونيو 2013 وسيطروا علي البرلمان ومجلس الشيوخ الجديد
فهل يصحح الرئيس السيسي سريعا هذا الوضع الغريب الشاذ
قبل فوات الآوان
ختاما نقول أنه بعد الأنتهاء من تطوير ميدان التحرير العبقري جداً في التوقيت والتصميم
فإن من يخرج للتظاهر والتخريب ضد الدولة والرئيس السيسي في 9/20 وما بعدها من إخوان إبليس المفسدين في الأرض
لن يجد غير المسلة الفرعونية خازوقاً كبيراً يصلح لجلوسهم عليه
مع الكباش الأربعة
الكاتب مصطفي كمال الأمير