المرأة المدينة

المرأة المدينة
***********
لوقتِ طويلِ
لدهر …
تمُرُّكِ الجنازات
وتشتعلُ الثورات
وأنتِ نائمةٌ حدّ الخَدَر
تموتين على كل الضفاف
في كل نهرٍ
بين الزحام ِ
وعند كل أغنية !
تسيرين بذاكرةٍ كاملةٍ
ونصف نسيان ،
تفكرين في الطريق ،
في طول الطريق ،
و صمت الطريق ،
تعْلَقين في كفّ الأسئلة !!
كم شاخت ملامحُكِ ؟
كيف انسدل سواد شعركِ
على السهر والاحلام ؟
كيف أنكِ بعيدةٌ
كمن تقف على عتبة السماء الأخيرة !
وكيف أنكِ قريبةٌ
كدمعةٍ فاضحة !؟
هاربة أنتِ من مدن الصقيع
ولكنك تخافين المدن الدافئة
تلك التي تسرق منكِ قلباً
‏وتمنحكِ ذاكرة .
تلك التي تستقبلكِ عاشقة ،،
ولا تقبل بكِ مفارقة!

تلك الجميلة كبداية ،
العنيدة ك عذراءٍ فاتنة
‏ المُباغتة كمواقيت الرحيل ،
الدامية كصفعةِ خذلان
‏والشريدة كعجوز صامتة.

هنالك مدن لم تخلق إلا لتسحركِ
لتسحقكِ في الفراغ
في زجاجات العطر
و الفساتين المسحورة
في الوسائد الباكية
وطاولات العشاء المهجورة
مدن ..
تلعن انتظار النوافذ
و طاولات المقاهي ،
‏ والمقاعد الشاردة ،
‏تختبيء في العطور
و الأصوات والوجوه
تنامُ ك بيوتٍ مرتعشة .
في شوارع يطويها رعبُ العدم ،
‏ يكسوها السكون حلاً ،
والكلامُ مِلحا ..
‏و البكاءُ فخاً .. ‏
والليل يأخذ فرصته كي ينتقم !!
أيتها المرأة المدينة ..
أصلبي انحناءة ظهرك واستقيمي
ارتفعي مجداً كأندلس ..
ثوري كجزائر ..
اصمدي كدمشق ..
قاومي كقدس ..
تألقي سحراً كبيروت
أضيئي الليل جمالاً كبغداد ..
تزيني كمراكش ..
تدللي كصفاقص ..
تمنّعي كطرابلس ..
‏ابتسمي كصنعاء..
ثم قفي كمسلةٍ فرعونيةٍ
على مشارف القصيدة
واعلنيها في شموخٍ …
(هنا القاهرة )

تمت
بقلم أماني درويش

Related posts

Leave a Comment