نحو عالم أفضل ٢
سلسلة يومية
للكاتب أيمن غنيم
يقول الله تعالى فى كتابه العزيز
” ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا وإتبع هواه وكان أمره فرطا” صدق الله العظيم .
تلك هى المحاذير التى يحذرنا الله ان نفعلها إذا كنا نريد النجاة من الهلاك الذى يحرق أشجار الزيتون على المستوى القومى فى بلد آمنة مطمأنة .وتأذن بهلاك أفرادها ومسخهم كقردة وخنازير إستمالوا لشهواتهم واندحروا خفاقا وإذلالا باحثين عنها فى كل حدب وصوب . أو الإنحراف والشطط عن المسرى الإيمانى الحافل الذى يكفل لنا الأمان والسلامة فى كل خطوة نخطوها نحو الرقى والإرتقاء . والعلو والرفعة والإعتلاء على قمم الأمجاد لسنا مدحورين ولا خائبين ولكن كلنا عزيمة وإصرار على أن نكون .
إن الفرد هو الفتيل لمنسوجة المجتمع الكامل وإذا كانت تلك الفتيلة قوية فتية كان نسيجها أمتن وأقوى . وعلى النقيض منها إذا كانت تلك الفتيلة هشة ومعوجة كان نسيجها على شاكلتها . فالفرد يكون أسرة، والاسر تشكل مجتمع
والمجتمعات تصنع أمة بأسرها فذاك الفرد هو أمة إذا ما قد صيغت لأصلها .
فإذا صلح حال الفرد وسويت سلوكه سويت محاسنة وادرك دوره بنجاح وبإخلاص كترس فاعل فى عجلة التقدم والارتقاء .
وكما يقول علماء الطبيعة بأنه ليس هناك فراغ فى الطبيعة أى إن كل فراغ وان كان يبدو للعيان فارغا إلا انه مملؤ بالهواء . فكذلك قلوب البشر لا تحتوى على فراغ مطلقا . فإن كانت غير عامرة بالصلاح والتقوى فإنها ستعمر بالانحراف والهوس الغرائزى المدمر وإن كانت غير عامرة باليقين والثقة بإمكانيات الفرد وملكاته الانسانية الفاعلة فإنها ستكون عامرة بالانهزامية والفتور واللامبالاة .وإن لم تكن عامرة بحب الله ورسوله ستكون عامرة بحب الذات والشهوات . وان لم تكن عامرة بالانتفاضة والثورة والتمرد على الضعف البشرى لسكنته الانتكاسة والمثول والاذعان للغرائز وحب الدنيا هوسا وانتحارا لا حبها عظمة وانتصارا . فليس عيبا ان تحب الدنيا لأن تكون هداية ونبراسا لأمم تليت وأجيال تعاصر تلك الأمجاد التى تحققها وتلك المعايير الايجابية التى تفرضها كسلوك واسلوب حياة . وليس عيبا ان تطمح وتحلم او تتمنى وتحقق او تتسابق فتفوز او تناضل فتحيا او تناشد فتكسب احترام نفسك وغيرك . لكن العيب كل العيب ان تمتثل لحب الدنيا بشراهة الطامع وببلاهة الماجن او بعتهية المارق او بالتجنى او الظلم كأسلوب تنتهجه او تتعامل به لتلبية رغباتك الكسيحة المتبنية شهواتك فحسب . لذا أعقب الله عز وجل الذين قد اغفل الله قلوبهم بتبعية الهوى . والهوى هى كل المنكرات والمحرمات التى تنزح اليها النفس البشريه والمفهوم المعاصر للهوى واللذات والشهوات قد اتسع مداه وعلا بسماه وانتفضت اليه كل الفرائص فشملت كل الموبقات وان اختلف مسماه فى تلك الأونة التى نعيشها . فأصبحت معاول الهدم بناء والإنحطاط ارتقاء . والتشرزم والبلطجة اقتداء تاهت المفردات وتبدلت المعانى . ونحن فى صمت ولا نبالى . ان كل ماأوجده الاستعمار من فتن وكل ما اصطنعته رموز الفساد من خلل أفسد حياتنا وصرنا فى نزال بخس لمآرب بخسة وفى حلبة صراع مابين الحق والباطل . غير واعيين ولا مدركين بالانتحارية الأخلاقية التى نفند كل المزاعم وكل الافكار الشريرة لمواكبة واقعنا بها . وكأننا نضحك على انفسنا بوهم وزيف مصطلحات راقية لتخفى سلوكيات واهية هى الانحراف ان صلح تسميتها فانتشرت الجرائم الأخلاقية ونزحت إلينا المجازر الشهواتية فى لون من ألوان التحضر وهى أبعد عن القيم التى نؤمن بها .
وتنطلى علينا الحكايات والروايات والقصص والتى تجوب دواخلنا وتستثير الفتن ونصبح فى حرب باردة جعلتنا لا نشعر ولا نغير على عروضنا ففتك الله بنا . واصابنا الإعياء فمرضت قلوبنا وماتت نوازع الخير فينا وسارعتنا الحياة فسرقت اضوائها أنظارنا فأصبحنا لا نميز ماهو اسود وماهو ابيض اختلطت جميع الألوان ومزقت كل الفواصل مابين الحق والباطل . فتملكنا الشيطان ورغبنا الحياة وبعدنا عن اهدافنا المصونة واصبحنا مخوخين الفؤاد من تقوى الله ومخافته وانتهجنا مسالك الضلال فإنهزمت فينا الرجولة الحقة وصرنا بلا هوية وبلا هدف فكانت تلك الغوغائية وكانت تلك الحياة الهلامية الصفرية التى نحن عليها الآن.
فلتكن محاذير الله فريضة علينا بان نبعد تمام البعد عن تلك الاعوجاج المتمثل فى شهوات او سلوكيات غير سوية كمسلك لتحقيق الاهداف التى نرجوها ونسلك المسالك القويمة الرفيعة فى تحقيق الذات . بعدين كل البعد عن الفلسفات الملتوية والنظم الغير سوية وترسيخ التقوى بخيوطها القوية فى تشكيل نسيج حياتنا . فالتقوى هى سلوك مناهض للاعوجاج والتقوى هى الانتقالية من الفوضى فى الأداء الى الاستقواء بمعايير هى الارقى وهى الأمتن وهى الأعظم وهى الأجدر فى العطاء . والذى يثمر وتثمر معه الحياة .
والتقوى هى معية الله والأخذ بالأسباب والبحث والاستقراء والعلم فى اتباع مناهجه والإلتزام بقواعده . فى إطار إيمانى دينى يضمن لك النجاة .
ولذا فانه لابد وان تشغل قلبك بالحب والوفاء والولاء والانتماء والعطاء والمواطنة وكلها لله أقرب وكانت دعوات نبيه الاكرم وتبناها فى معايشة أقيم فبنيت امة نشرت ربوع العالم اجمع بالعدالة ورفعت راياتنا فوق كل بقعة احتمت بالله فكان نصر الله لمن اتبعوا خطاه صلى الله عليك حبيبى وسيدى ياخير جاه . فغربت عنا الحضارة بشمسها يوم إنتهجنا سبل من أغفل الله قلوبهم وإتبعوا هواهم فكان أمرهم فرطا .
فهيا بنا نتبع محاسن الدين ونسارع فى إمتلاء قلوبنا بالتسامح والإنصاف لما أوجده الله فينا من فضائل ونعمر قلوبنا ونشغله بالطاعة فهى تلك القناعة التى سننجوا بها وبها سنكون نحو عالم افضل .
بقلم أيمن غنيم