متابعة- محمود مسلم
الاستاذ الدكتور رضاعبدالسلام محافظ الشرقية الأسبق وأستاذ القانون بجامعة المنصورة يكتب تغريدة عبر صفحتة الخاصة رثاء للدكتور محمدمشالي “طبيب الغلابه” يقول أستاذا القانون في تغريدته لم يكن يسمع عنه أحد حتى أشهُر قليلة مضت، عندما ذهب إليه احد الإعلاميين المحترمين والهادفين، والتقى به في عيادته المتواضعة في منطقة شعبية لم يعرفه حتى ذلك الحين إلا الآلاف من البسطاء الذين تتطببوا وعولِجوا على يديه لعشرات السنين!!
مظهره وملبسه وشكل عيادته وحديثة ومنطقه، جذب انتباه الملايين في مشارق الأرض ومغاربها…نعم.
كطبيب تخرج في كلية الطب، كان بين خيارين لا ثالث لهما…وهذين الخيارين معروفين لنا جميعا…ولكنه اختار طريق الزهد، اختار الرسالة، اختار البقاء للأبد…اختار ان يكون انسانا…نعم غلبت عليه انسانيته بل تجاوزها…رحمه الله.
وبعد أن صار حديث الأمصار، وجدنا رأيا رافضا لمنطق د. مشالي رحمه الله، لاعتبارات كثيرة، بل هناك من استهان بمظهره البسيط….الخ!!
قطعا، كلُ حُرُ في منطقِة وفي أسبابه، ولسنا هنا في موضع الإساءة لمن أولو أنفسهم ومظهرهم وخزينتهم اهتماما أكبر، طالما لم يتجاوزوا ولم يحولوا المهنة السامية إلى تجارة…فهؤلاء أيضا لهم منطق يُحترم…وكثيرون منهم لديهم أبواب للبِر والخير زكاة عن أنفسهم وأموالهم وعيالهم.
أما شياطين الإنس، الذين حولوا المهنة السامية إلى تجارة رخيصة من عينة تجار الأعضاء البشرية، وغيرهم ممن لم يراعوا في “عيال الله” إلا ً ولا ذمة، فهؤلاء لم ولن بحصدوا الا الخيبة والندامة، وسيكون ماحصلوة من جيوب الفقراء “عليهم حسرة”…نعم.
نعود الدكتور مشالي، فهذا الرجل كان طماعا أكثر من اللازم، نعم طمع طمعا مشروعا، طمع في منزلة أكبر، باختصار “تاجر مع الله” وما أرباحها من تجارة.
فتغلب على كافة شهواته وغلب إنسانيته، ولن أنسى بكاؤه وهو يروي قصة طفل السُكر والانسولين، الذي قرر ان يموت بين يديه محترقا، ليوفر ثمن العلاج لاخوته الأيتام، قطعا كان موقفا فارقا في حياة دمشالي!!
تخطى د. مشالي مستوى الإنسانية برهبانيته وتجرده وسعادته بالتخفيف عن عيال الله (الفقراء)…فصعد الى مستوى الأولياء والصالحين، فالولي الصالح ليس بالقول وانما بالعمل، وهذه اسمى مراتب الإيمان بعد الانتصار على النفس.
هذا الرجل القوي الذكي حَسَبَ السعادة بطريقته التى استهان بها البعض، وكل فيما يعشقون مذاهب!!…
فهناك من يجد سعادته في جمع المال وكنزه!!! وهناك من يبحث عن السعادة في منصب زائل، فيُقبِل الأقدام ويدهس جماجم الشرفاء، ويهين النفس بل يذلها إذلالا لينال المنصب الرفيع!!…الخ…كُلُ يحسبها بطريقته…نعم.
كان د. مشالي أذكى من الجميع بإخلاصه وسمو رسالته وزهده…باختصار حسبها صح…نعم…ولهذا كان حكم الله فيه جليا وعلى رؤوس الأشهاد…أراد الله له البقاء والعزة والهيبة، فهاهي الملايين تدعو له بالرحمة داخل مصر وخارجها في أيام عظيمة من شهر الله الحرام ذي الحجة…ألم يكن أذكى من الجميع؟!
هذا الإجماع البشري على الدعاء له لهو مؤشر على رضا الله وقبوله لعبده د. مشالي، بل علو منزلته. إن الله لايضيع أجر من أحسن عملا…نعم.
قطعا لدينا العشرات بل المئات من أمثال د. مشالي ربما لم يسمع بهم أحد، وعندما يهتم الاعلام بتلك النماذج المشرفة فانه يكون اعلام بِناء لا إعلام سبوبة…فما اجوجنا للتعرف ولتعريف ابنائنا على تلك الرموز المضيئة بعد ان هدمت المادة كل شيء في حياتنا.
اذا، هو درس مهم لكل متعلم خلال تلك الرحلة القصيرة..فمن بناها بخير طاب مسكنه ومن بناها بسوء خاب بانيها…فاللهم ارزقنا الاخلاص في القول والعمل، ورقق قلوبنا وجنبنا هوى النفس واخرجنا منها وانت راض عنا…اللهم آمين آمين.