اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف 2020

الشريف البروفيسور الدكتور علـي مهـران هشـام

( الحاصل علي الجائزة العالمية للابداع البيئي – اليابان 2001)

يحتفل العالم  باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف   كل  عام في السابع عشر من يونيو  لإذكاء الوعي العام بالجهود الدولية لمكافحة التصحر. وتُعد هذه المناسبة فرصة فريدة لتذكير الجميع بأن تحييد أثر تدهور الأراضي يمكن تحقيقه من خلال حل المشكلات  المائية والمشاركة المجتمعية القوية والتعاون على جميع المستويات.

شعار هذا العالم   2020 هو ( غذاء. علف. ألياف )، والعلاقات بين الاستهلاك والأراضي حيث  تسهم عمليات إنتاج الغذاء والأعلاف والألياف في تغير المناخ، تتسبب الزراعة والحراجة وغيرها من استخدامات الأراضي في ما يقرب من ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. كما يتسبب إنتاج الملابس والأحذية في 8% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن المتوقع أن يرتفع الرقم بنسبة 50 في المائة تقريبًا بحلول عام   2030م،  وتشكل المناطق الصحراوية أكثر من  60% من المساحة الإجماليّة للوطن العربيّ. 

 أحتفل  العالم  في عام  2019  بالذكرى الخامسة والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر،  تحت شعار ”  لننمى المستقبل معا  “، حيث تم تسليط  الضوء على التقدم الذى أحرزته البلدان فيما يتصل بالإدارة المستدامة للأراضى..

عموما،  التصحر هو تدهور الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة. والأنشطة البشرية والتغيرات المناخية هي السبب الرئيس في التصحر.  إن  مصطلح التصحر لا يعني توسع الصحارى الموجودة فحسب.، بل    التصحر يحدث لأن النظم البيئية للأراضي الجافة، التي تغطي أكثر من ثلث مساحة الأرض في العالم تُستغل استغلالا جائرا  ومفرطا، وتستخدم استخدامات تنافي طبيعتها. ويمكن كذلك أن يتسبب الفقر والاضطراب السياسي وإزالة الغابات والرعي الجائر وممارسات الري السيئة في تدني إنتاجية الأرض.

من   الممكن  أن تؤدي التغييرات في النظام الغذائي والسلوكيات  الرشيدة مثل خفض فضلات الطعام، والشراء من الأسواق المحلية ومبادلة الملابس بدلاً من شراء ملابس جديدة  دائمًا  إلى تحرير الأرض لاستخدامات أخرى وخفض انبعاثات الكربون كذلك. ويمكن للتغيير  في النمط الغذائي وحده أن يحرر ما بين 80 و 240 مليون هكتار من الأراضي.

تشير العديد من البحوث والدراسات إلى أن النشاط البشري هو أحد أهم المصادر المسؤولة عن ظاهرة التغير المناخي التي طالت تأثيراتها العديد من الدول، وقد تجلت في تفاقم وتيرة وحدّة الكوارث الطبيعية في أرجاء المعمورة ولعل من أهمها ظاهرة زحف الرمال واتساع رقعة التصحر وطول فترات الجفاف نتيجة  ندرة الأمطار والتوسّع المفرط من قبل الدول الصناعية في استغلال مصادر الطاقة التقليدية دون مراعاة ما يشكّله هذا السلوك غير الرشيد  من تهديد للبيئة وسلامتها، إضافة إلى ما يزيدُ عن 900 مليون نسمة من سكان العالم يتهدّدهم الفقر  والجوع والجفاف وضعف مستوى النمو الاقتصاديّ. 

 يتوقع الباح ثون أنه بحلول عام 2035 سيعانى 1.8 مليار فرد من ندرة  المياه ، وسيعيش أكثر  60%  من  سكان العالم فى ظروف الإجهاد المائي ، ناهيك  عن الخطر الطبيعى والمتشابك  الذى ترافقه من آثار بيئية واقتصادية واجتماعية  وسياسية كبيرة  نتيجة القلاقل والمنازعات والحروب الباردة والساخنة بين دول العالم.

علي  كل حال ،  يعود  للنمو العمراني والحضري المتسارع  وكذلك زيادة عدد السكان وإقامة المناطق الصناعية والمشروعات التنموية الكثيرة وعدم مراعاتها  لمتطلبات ومعطيات البيئة واختلال التوازن بين العلاقة بين البيئة والتنمية وعدم الاخذ في الاعتبار  أحتياجات الاجيال  القادمة ، كل ذلك ساعد وعزز من زيادة المساحات الصحراوية وتدهور الغطاء  النباتي في الاراضي العربية التي تحتاج أصلا إلي التشجير والزراعة  والغطاء  الأخضر. ولعل  اليوم العالمي  لمكافحة التصحر فرصة لمراجعة  السياسات  القائمة   وضرورة  وضع  خطط وبرامج  جديدة وحديثة  وسن قوانين  تراعي  التخفيف من التأثيرات السلبية علي الأرض والمكان والبشر.

وخلاصة  القول،  إن استعادة تربة النظم الإيكولوجية المتدهورة ( مراعاة الحمولة القصوي ) وتطبيق الوسائل والطرق  البيئية والزراعية الحديثة  ستمكن من تخزين ما يصل إلى  ثلاث  مليارات طن من الكربون سنويا، ويمثل قطاع استخدام الأراض حوالي  25 % من إجمالى الانبعاثات، وبالتالى فإن إعادة تأهيل ذلك القطاع وإدارته إدارة مستدامة هو أمر بالغ الأهمية لمكافحة تغير المناخ وبالتالي الحد من ظاهرة التصحر  والجفاف.

 إن تعزيز الوعى العام بتدهور الأراضى وجذب الأنتباه إلى تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر ( يوم 17 يونيو، يمثل التاريخ الذى أعتمدت فيه الجمعية العامة  للأمم المتحدة اتفاقية مكافحة التصحر، وهو الاتفاق الدولى الوحيد الملزم قانوناً والذى يربط البيئة والتنمية بالإدارة المستدامة للأراضي )،  ولتحقيق أقصى قدر من التأثير لحماية كوكب  الأرض ، يجب علي جميع الدول ومنظمات المجتمع المدنى والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية وأصحاب المصلحة ، الانتباه إلى قضايا الأراضى وتثقيف الجمهور بشأن الأساليب الفعالة لوقف تدهور الأراضى من خلال  نشر الأفلام الوثائقية والتعليمية والتدريبية  وتنظيم المؤتمرات والندوات  واجتماعات المائدة المستديرة والحلقات الدراسية ( سواء أون لاين  أو غيره ، نظرا لما يواجه العالم من جائحة كورونا –  كوفيد 19  ) والمعارض المتعلقة بالتعاون الأقليمي  والدولى لمكافحة التصحر وآثار الجفاف علي الإنسان والأرض وجميع الكائنات. والله المستعان.

Related posts

Leave a Comment