البـروفيسور الدكتـور/ عـلي مهـران هشـام
يأتي الاول من مايو من هذا العام حيث يسود القلق و الحزن والهلع والخوف من الموت كل مكان في الكون بسبب انتشار فيروس كورونا - كوفيد 19 والذي حصد أرواح الالاف من الاحبة والاصدقاء والاخوة في الانسانية حول العالم واحتجز الالاف من البشر في المستشفيات ومراكز الحجر انتظارا واملا في الشفاء. البشر لايغادرون بيوتهم والمصانع وعجلة الانتاج معطلة أو تعمل بالحد الادني لتشغيل دورة الحياة ، والتحية هنا وكل التقدير للمنظومة الطبية بكل عناصرها والرحمة والخلود للشهداء منهم الذين يضحون بحياتهم ليعيش الاخرين ، والتقدير موصول لمراكز الابحاث والمعامل الطبية الذين يتحدون عقارب الزمن ولاينامون لايجاد دواء أو عقار فعال لقتلل هذا الفيروس الذي غير نمط الحياة في كل الدنيا، وبالطبع بل بكل تأكيد الكون ، نعم كل العالم غنيه قبل فقيره قويه قبل ضعيفه سيتغير بعد هذه الجائحة .
علي كل حال ، العالم كان يحتفل في اليوم الاول من شهر مايو من كل عام بيوم العمال وذلك تقديرا وتعظيما لجهودهم وتحفيزا لهم للاستمرار في التطوير الاقتصادي والابداع التنموي والنهضة المجتمعية .
تعود بداية عيد العمال الي 21 أبريل عام 1856 عندما طالب العمال في أستراليا بتخفيض ساعات العمل اليومي إلى ثماني ساعات ( باعتبار ، ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والترويح والترفيه ) ثم طالب العمال في ولاية شيكاغو ، الولايات المتحدة الأميركية بنفس المطالب . ثم قام زعيم العمال الأميركي بيتر ماكغواير بنقل الفكرة في 5 سبتمبر 1882 بعد أن شارك في أحتفال عمالي في تورونتو الكندية والذي كان من نتائجه اصدار قانون الاتحاد التجاري.
وكانت الأتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والتي اعتمدت بقرار الجمعية العامة رقم 45 / 158
المؤرخ في 18 ديمسبر 1990
علي كل حال، وبعيدا عن السرد التاريخي لهذا اليوم فقد تعدت المظاهرات وهو ما يعرف باضراب بولمان 1894 العمالي والتي سقط فيها بعض العمال قتلي وكذلك شهداء هايماركت من العمال بسبب خشونة الجيش الامريكي في التعامل مع مطالبهم حيث تعدت المطالبات الحدود الجغرافية الامريكية لتصبح قضية عالمية.
في عام 1904 طالب اجتماع مؤتمر الاشتراكية الدولية في أمستردام جميع المنظمات والنقابات العمالية وخاصة الاشتراكية منها في جميع أنحاء العالم إلى عدم العمل في اليوم الأول من مايو من كل عام، وتم السعي لجعله يوم إجازة رسمية في كل الدول. في عام 1955 باركت الكنيسة الكاثوليكية الأول من مايو عيدا للعمال ( في حين تحدد أمريكا وكندا الاثنين الاول من شهر سبتمبر كيوم للعمال ، ولكن الكونجرس الامريكي يعتبر الاول من مايو يوم وفاء للعمال علي انجازاتهم الاقتصادية والاجتماعية والخدمية للأمة ).
عموما، يشمل أحتفال عيد العمال تنظيم المسيرات و المواكب والقاء الخطب التوعوية والتثقيفية وحماية البيئئة وعرض احتياجات العمال وطموحاتهم المستقبلية واقتراح السبل والاليات لراحتهم وتأمين حياتهم وحياة اسرهم المعيشية والطبية والاجتماعية وخاصة مابعد التقاعد من العمل. أحيانا يتم عرض مواضيع سياسية من قبل بعض القادة العمالين كما تشمل أشكال الاحتفال تنظيم نزهات، وحفلات الطعام والشواء، وعروض للألعاب النارية، والرياضات الأرضية و المائية، والفعاليات الثقافية والبيئية والفنية العامة وتنظيم ورش عمل للتدريب وتنمية المهارات وتطوير قدرات العمال التخصصية والعامة .
إن أهم قضية في يوم العمل أوالعمال العالمي هي أن تتوفر للعمال كافة جميع الحقوق الاممية والسلامة والكرامة الانسانية والمساوة والسلم العام وعدم التمييز بأي شكل كان ، في أي مكان يعملون فيه علي كوكب الأرض.
وخلاصة القول ، فرغم المرارة والحيرة مرة والتخبط مرات والتي يعاني منها العالم كله في هذه الاوقات الصعبة والعصيبة في جميع مناحي الحياة بسبب جائحة كورونا ، فالتحية لكل عمال العالم وخاصة في مصر الحبيبة والوطن العربي في يوم عيدهم ونقدر ونعظم جهودهم في التنمية المستدامة والنهضة المجتمعية … ولكن التزموا بالضوابط ووسائل الامان الصحية والوقائية وذلك للذين تقتضي حاجة المجتمع الي ان يعملوا . أما الأخرين فليلتزموا بيوتهم ومساكنهم وحجرهم الصحي واتباع التعليمات والسلوك الرشيد والتحلي بالايثار والاخلاق وعدم مخالفة القوانين والتحذيرات من المختصين وأولي الأمر فكلها من أجل صحتنا وحفاظا علي حياتنا ووطننا…. والله المستعان.