بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
العادات هي نمط حياة ، وقواعد فرضتها الظروف والأوضاع التي حكمت مجتمعاً ما في فترة زمنية محددة ، الأمر الذي قد يجعلها غير مناسبة لكل زمان ومكان، وكونها إرثٌ وصل إلينا من أجيال سابقة لا يعني بالضرورة أنها الحكمة بحد ذاتها ، فمن وضعها هم بشر لهم دوافعهم, إن تأملنا عن كثب سنجد أن العادات والتقاليد هي أشبه ما يكون بسلسلة تنتقل حلقاتها وتزداد من جيل لآخر لتربط بينها، وبالتالي يكفي أن يقف جيل واحد في وجهها ليكسر هذه الحلقة ويلغيها، فمثلاً لولا شجاعة البعض في التصدي للتأثير السلبي لبعض العادات لكان التحصيل العلمي اليوم ما زال يقتصر على الذكور وتُحرم منه الإناث، وهذا ما يعيدنا إلى المنهج الانتقائي الذي ذكرته مسبقاً، والنظر بموضوعية ومنطقية،و المجتمع الفتي القوي هو المجتمع الذي يكون متحررا من تلك القيود والأعراف فتجد أن تلك الطريقة في التفكير وفي تحرير أفراد المجتمع هي التي تسببت في إزدهار الحضارة الإسلامية وفي إزدهار العلم في فجر الإسلام ونجد أن أغلب المبدعين والمفكرين هم من تحرروا من تلك القيود على الرغم مما قد يصيبهم من أذى أو من نظرات تبدو غريبة وقصة جاليليو وتفكيره ومعارضته للكنيسة معروفة وكذلك تساؤل نيوتن المنطقي في سقوط التفاحة وتحرره من أسر العادة هو من ساهم في إبداعه ,ولذلك فإن من مؤشرات تقيد المجتمع وتحجره هو كثرة الروتين الذي يشتكي منه الجميع ويشهد عليه الجميع وماهو إلا صورة من صور التقاليد والعادات والتحجر التي ألفها المجتمع وتعود عليها بل وأدمنها واعتمد عليها فلا يستطيع العيش من دونها فقد عطل عقله عن العمل منذ زمن وصار صعبا عليه أن يعاود إعماله بل إنه يقاوم ويلفظ كل من يحاول إعمال عقله , حين يحاول البعض التحرر من تلك القيود وكسرها فإنهم للأسف لايكسرونها إلا لكي يقيدوا أنفسهم بمجموعة أخرى من التقاليد والعادات الغربية التي تكون بديلا لهذه القيود , إن أشياء عدة في الحياة تتبع الاهواء لا تؤهلنا للتميز أو لاستدلالية معرفية أو معطى خالص، تظهر الأشياء بسيطة وفي عمقها معقدة يكتنفها الامتعاض، الذي يحول الأرواح إلى ثكنات تستجيب فقط للأوامر ولا شيء غيرها، فالأهواء تغدو خلف السحب تنتظر هطول التغيير مع المطر. فتتسابق النزعات الانفعالية إلى بوابة التحرر ولكن بلا جدوى، جميع المفاتيح في خزنة الأهل، يموت الأوائل ويبقى الأبناء حول تلك الخزائن المقفلة لا سبيل لفتحها أو حل شفرة بؤسها، بل يقومون بذات الأدوار وتنتج نفس الآثار. ثم تبدو الحياة في ظاهرها بسيطة لولا مفاجأتها التي تهدد استقرار أوتادها وثباتها،
باسم العادات والتقاليد، وتأثيرها على تقدم الخطوات والتطور الذاتي الطموح، إن العقل يحرر الجسد من الجمود، والقلب يكتنز كل السلبيات باسم الود والولاء، وهذا الانشقاق هو ما يثني العزائم ويدهور النتائج المأمولة، وهذه المفارقة تؤيد الخلط بين الخطأ والصواب.