كتبت/مرثا عزيز
رفعت المخابرات الأمريكية مؤخرا السرية عن وثائق تخص تقارير وتحليلات CIA عن جماعة الإخوان الإرهابية منذ الثمانينات، وكانت أغلب الأراء تشير إلى أن جماعة الإخوان يمكن استخدامها في كبح التنظيمات الجهادية الأكثر تطرفا ولكن في نفس الوقت لا يمكن الثقة فيهم.
رؤية المخابرات الأمريكية للإخوان
وبحسب تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط” فإن التقارير الاستخباراتية تلقي الضوء على سببت تذبذب الموقف الأمريكي من جماعة الإخوان، حيث تشير تقارير محللي CIA إلى أن الولايات المتحدة تنظر للإخوان كشر لا بد منه أو كشر أخف من غيره.
وقال عدد من المحللين الذين تم إخفاء أسمائهم من التقرير إن تمكين الإخوان من التغلغل في المجتمع المصري منذ الثمانينات يمثل ضررا بالمصالح الأمريكية لكن لا ينصح في نفس الوقت بأن تصطدم واشنطن مع الإخوان الذين قدر التقرير وقتها عددهم بنحو 500 ألف عضو.
ويبدو من تقرير المخابرات إن واشنطن كانت تعلم بأهداف جماعة الإخوان الإرهابية حيث يفصل التقرير بين أهداف الجماعة بعيدة المدى مثل إقامة دولة ومجتمع متطرف يسمح بتطبيق الشريعة الإسلامية بدلا من القانون ويتم فيها فصل الرجال عن النساء وتعتمد على الزكاة بدلا من الضرائب.
والأهداف قصيرة المدى كانت تشمل وقت التقرير هو استعادة شرعيتها بسبب الحظر القانوني المفروض عليها، ولذا كانت جماعة الإخوان تبث رسائل بأنها ضد الجماعات الأكثر تشددا وفي نفس الوقت كانت تعمل على اختراق مؤسسات الدولة مثل وزارة التربية والتعليم والنقابات واتحادات الطلبة، بجانب العمل على التوسع في مصادر التمويل من خلال قاعدة من المشروعات التجارية.
وبحسب التقرير فإن مسؤولين أمريكيين قابلوا ممثلين عن جماعة الإخوان لم يتم ذكر أسمائهم في التقرير، ولم يكونوا فقط من جماعة الإخوان في مصر بل أيضا من الكويت واليمن الشمالي وسوريا وفلسطين ولكن كانت المخابرات الأمريكية تعتبرهم جميعا فروعا للجماعة الأمر في مصر.
محاولة التقرب من مبارك
من بين المعلومات التي كشف عنها التقرير، محاولة جماعة الإخوان التقرب من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عام 1985، حيث حاولت الجماعة استمالة عدد من المقربين من مبارك على أمل إقناع النظام المصري بالتحالف مع الإخوان ضد الجماعات الأكثر تطرفا.
ويشير التقرير إلى أن المصادر الاستخباراتية الأمريكية قالت إن الإخوان أقنعوا عددا من المسؤولين الكبار في نظام مبارك بأن الجماعات المتطرفة الأخرى هي من تريد إشعال ثورة إسلامية في مصر وليس الإخوان وأن هذه الثورة ستكون بنفس أسلوب إيران 1979.
وبحسب التقرير الأمريكي فإن المخابرات الأمريكية قدرت وجود نحو 30 ألف فرد متطرف في مصر موزعين على عدد من الجماعات التي وصفها التقرير بالمتصارعة فيما بينها، بينما جماعة الإخوان تمثل العدد الأكبر ولكنها تعاني خلافات داخلية بين المعتدلين والمتشددين.
وكان المحللون الأمريكيون يعتبرون جماعة الإخوان خطر غير مباشر على نظام مبارك وقادرون على كبح جماح الجماعات الأكثر تطرفا، ولكنهم في نفس الوقت مشهورين بغدرهم بالحلفاء والتنصل منهم وهو ما أشار له التقرير بأن الإخوان دعموا مرشحي الجماعة الإسلامية المتشددين في انتخابات اتحاد الطلبة بجامعة القاهرة رغم أنه كان هناك تنسيق بين الإخوان والحكومة المصرية لدعم مرشحين متفق عليهم مع النظام.
وحتى مع إنكار الجماعة الإسلامية أي دور للإخوان في فوز مرشحيهم فإن الجماعة الإسلامية لم تكن تملك المال لتنفق أموالا بهذا الحجم أثناء الحملة الانتخابية ولم يكن هناك جماعة في مصر تملك تمويلا بقدر جماعة الإخوان.
وبحسب التقرير كان الحوار بين الإخوان والنظام المصري مستمر ولكن مع بعض العثرات بسبب إنعدام الثقة ولكن كان مرشد الإخوان وقتها – عمر التلمساني- نجح في ترميم جزء من هذه العلاقات بسبب المصداقية المفقودة، وأثبت أنه قادر على التعاون مع النظام في تجربة أخرى بالاسكندرية.
وكانت النتيجة السماح باستئناف مطبوعتين للإخوان هما “الاعتصام” و “المختار الإسلامي” وبعدها بعدة أشهر صدرت مجلة الدعوة والتي كانت أوسع انتشارا.
ورغم ذلك فإن النظام المصري لم يرفع الحظر رسميا عن الإخوان وكانت شروط الحكومة المصرية لذلك هي تخلي الإخوان تماما عن العمل السياسي والاكتفاء بالنشاط الدعوي، وأيضا إعادة النظر في تحالفات الإخوان مع المعارضة وعلى رأسها حزب الوفد الجديدـ وثالثا التوقف عن الإحتجاج على معاهدة كامب ديفيد ورابعا الابتعاد عن محاولات التجنيد داخل الجيش المصري.
ورجحت المخابرات الأمريكية أن الإخوان رفضت هذه الشروط ولذا استمر الحظر من الحكومة المصرية.
خطر على أمريكا
بعد تقييم دور الإخوان في مصر خلص تحليل المخابرات الأمريكية إلى أن تنامي قوة الإخوان في مصر يشكل خطرا على المصالح الأمريكية باعتبار أن الجماعة بطبيعتها تعارض النفوذ الأمريكي ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
كما إن جماعة الإخوان بلا مصداقية مع معظم من تحالف معها، ولا تريد الجماعة كذلك أي تعاون بين مصر والولايات المتحدة عسكريا.
ولكن في نفس الوقت قال المحللون إن إضعاف جماعة الإخوان لا يصب في مصلحة أمريكا لأنه إذا تم القضاء على الإخوان المسلمين فسوف يكون هناك فراغ تملأه تنظيمات أكثر تطرفا بحسب ترجيح التقرير.
وبدون تدخل الولايات المتحدة فسوق تتصاعد قوة الإخوان داخل المجتمع المصري عن طريق شبكاتهم المالية لكنهم لن يشكلوا خطرا مباشرا على نظام مبارك إلا إذا تلاشى دور التيار المعتدل داخل الإخوان وسيطر المتشددون والحالة الثانية هي أن تتدهور الحالة المعيشية للشعب المصري لدرجة تصيبهم بالسخط الذي سيستغله الإخوان لتأجيج الشارع ضد النظام.