الخيانة والوطنية

ان خيانة الوطن جريمة كبرى لا تغتفر والخيانة ليس لها درجات بل هي انحدار وانحطاط وعقابها واجب ,و لا يمكن أن تتحول العمالة او الخيانة إلى وجهة نظر أو ثقافة عامة ، وذلك عندما تلتقي مصالح بعض النخب في الداخل مع مصالح الأقوياء من الدول ، سواء للحصول على المال أو النفوذ أو الطموح الاجتماعي والسياسي ،أو خضوع واستسلام لمعادلات القوة وموازين القوى”.

إن الخيانة هي أمر شديد القبح ، لأنه يعرض أمن البلد واستقراره وهويته وثقافته إلى الاختراق ، وهذا ما يجعل العدو قادرا على التلاعب بكل أوضاعنا السياسية والاقتصادية بل تحويل حياتنا إلى جحيم” . ومن هان عليه وطنه تهون عليه اوطان الاخرين ,حب الوطن غير قابل للمساومة او المراهنة عليه قالها الفنان صلاح قصاص في صرخة اطلقها في احد المسلسلات السورية حين قال ” الف حبل مشنقة ولايقولو ابو عمر خان الوطن يا خديجة ” و سألو هتلر من أحقر الناس في حياتك , قال : الذين ساعدوني على احتلال اوطانهم , فسحقا لمن باع وطنه مقابل مال لن يبقى , ومنصب لن يدوم , لذلك سحقا لمن استقبل روبرت فورد في بعض قرى حماة , وسحقا لمن حمل الاعلام التركية في قرى ادلب , ولمن دعي العدو الخارجي لاحتلال وطنه سورية , ولمن ساعدهم وكان بيئة حاضنة لهم , ولكن هؤلاء الخونة لا يمثلون الشعب السوري , لان الشعب السوري وعلى مر العصور شعب مستعد للتضحية في سبيل وطنه , كان ومازال بمختلف طوائفه وانتماءاته الدينية والعرقية والسياسية والفكرية والوطنية , شعب واحد تربى على ان حب الوطن هو الاساس وان وحدة الوطن وامنه وامانه الأولوية, لا يتنازل عنها ابدا , وان من خان الوطن وباعه , ومن دعي الامريكان والاتراك لاحتلال بلده ليس سوريا ولا يمثل الشعب السوري , انما من يمثل الشعب السوري نماذج وطنية كثير ة في سوية الام امثال ما حصل في قرية خربة عمو , كيف تضامن الاهالي العزل ووقفوا ضد الدبابات الامريكية ومنعوها من مواصلة طريقها , السوريون اعطو البشرية دوسا في الوطنية والتضحية وحب الوطن , لقد دفع شباب سورية حياتهم ودمائهم ثمنا لكل حبة تراب من ارض الوطن , هؤلاء هم السوريون الحقيقيون وليس من خان وباع وتأمر مع العدو ضد وطنه الام , هذا الانقسام في الشارع السوري ليس مرده للجهل , انما للطمع في الاموال التي يوزعها عليهم العدو .

ويمكن معالجة هذا الانقسام بنظام تعليمي جديد , يقوم به المثقفون كل في موقعه , الامر يحتاج لتضافر جهود الجميع لا أحد يقف على الحياد , وانما هذه مسؤولية الجميع , من مفكرين ومثقفين وباحثين واكاديميين ولا باس برجال الدين ولكن العلمانيين منهم فقط , لان ما اصاب المجتمع السوي من التطرف الديني هو سبب م اوصلنا له الان , ومع الاسف الاثار السلبية التي يخلفها من خان وطنه لا تقتصر عليه فقط انا تمتد الى الاطفال هؤلاء الاطفال الين يعيشون في تمزق كبير بين من هو الصح ابائهم ام الاخرين , هذه مسالة في غاية الاهمية لأنها مسالة تطال جيل كامل من ابناء المناطق الحاضنة الإرهابية , فمصير هؤلاء الصغار ممكن ان يكون ارهابيين صغار يتدربون على سفك الدم والقتل والارهاب , وزادت العدوانية في تصرفاتهم وسلوكهم بحيث باتو يتصرفون بشراسة وتهور , وجل العابهم حول القتل وسفك الدماء , في سورية هناك اكثر من 12 الف مدرسة تابعة لتنظيمات القاعدة والدواعش بمختلف فروعها في سورية فقط وهو ما بعني ان الاجيال الجديدة من الاطفال السوريين , يعيشون حالة مسخ للهوية وغسل للدماغ, بأفكار عنيفة , ستجعلنا امام المئات والالاف من انصار التفكير والتفجير او مئات الالاف من القنابل الموقوتة, التي تنتظر الوقت والمكان لتنفجر, فهل يتحرك العالم جديا لمواجهة الكارثة, الامر الذي يحتم دق نواقيس الخطر في محاولة لانقاذ هذا الجيل واعادته الى جادة الصواب وهي مسؤولية تقع على عاتق الجميع من دولة ,واعلام ,واخصائيين اجتماعيين ونفسيين , ومنظمات عالمية , وان التحصين من افات حركات التطرف والارهاب لا يتحقق بالتدابير الزاجرة ولا بقسوة الاحكام القضائية بل لابد من اجتثاث العنف والارهاب والعدوانية من جذورها, ولابد من نشر رسالة التوعية بأخطارها بين فصائل المجتمع و ولابد من تعبئة المناهج التربوية, الجديدة بحب الوطن والوطنية وشرح مخاطر الارهاب والتطرف ولابد ان يقوم الاعلام بنشر الخطاب المضاد للإرهاب, ولابد من عقد الندوات التنويرية عبر العالم ومع ذلك من الصعب تقديم مقترحات كافية لحل او علاج هذه المشكلة المتعددة المظاهر والاسباب , والتي يرتبط حلها بحل الازمة السورية اساسا ,

وتحتاج لتضافر جهود حثيثة من قبل جهات رسمية وغير رسمية يمكن ان نعد مجموعة من المبادئ: اعادة جميع الاطفال المتسربين الى المدارس وحفظ حق التعليم لهم بناء برامج علاجية متكاملة وبرامج دعم نفسي للأطفال متوازية مع برامج تدعم الاسر ايضا وتعيدهم الى جادة الصواب , رفع كفاءات العاملين مع الاطفال من معلمين وداعمين نفسيين متخصصين بالحروب واثارها وكيفية التعامل معها اعادة النظر في المناهج التعليمية نشر مخاطر الارهاب عبر جميع الوسائل نشر الوعي الثقافي بضرورة العودة الى حضن الوطن والتخلص من الارهاب وذيوله اعادة دمج الاطفال الذين كانوا في المناطق المعارضة مع المجتمع المحلي وضع برامج نفسية واجتماعية شاملة لإعادة تأهيل الاطفال والمراهقين الذين كانوا في المناطق المعارضة واعادة ارتباطهم بالمجتمع والوطن الاستعانة ببرامج المؤسسات العالمية ومنظمات حقوق الانسان , وحقوق الطفل .

وهيئة الامم المتحدة .لإعادة تأهيل الاطفال ولكن هل يمكن عقد الرهان على اطفال المعارضة والذين تعرضوا لغسيل دماغ وتم اعدادهم ليكونوا قنابل بشرية متحركة, وهل يمكن محو ذكريات المراهقين المحملة بالقهر والاسى ورغبة الانتقام, هل يمكن تعويضهم عن مرحلة عمرية ضاع منهم اسئلة كثيرة لا يمكن الاجابة عنها مع استمرار دوامة الموت, وبالتالي لابد من العمل من اجل اعادة البناء وبناء ما تهدم طريقا طويلا يحتاج الى خطوات واثقة وصحيحة تضع نصب اعينها حقوق الانسان وقيم المواطنة وان حب الوطن لا يقبل النقاش .

 

بقلم..الدكتوره يسرى زريقه أستاذة علم الاجتماع ..سوريا

Related posts

Leave a Comment