بقلم /محمد صبري الشامي
يروى ان احد الصالحين كان يجلس في المسجد بعد صلاة عصر كل يوم ليستقبل استفسارات المسلمين عن القضايا الفقهية..وكان عندما تستعصي عليه مسالة يستاذن السائل في ان يصلي ركعتين لله فربما يفتح الله عليه باجابة مسالته
…
ويحكى ان رجلا جاءه ذات عصر..وساله سؤالا عويصا لم يستطع اجابته..فاستاذنه برهة للصلاة كما اعتاد..وكان سؤال السائل هو ياشيخ يقول ربك في سورة الرحمن كل يوم هو في شان فما هو شان ربك اليوم فلما فرغ الشيخ الصالح من الصلاة لم يجد ان الله قد فتح عليه باجابة السؤال فاستمهل السائل الى عصر اليوم التالي لعل و عسى ..وغادر الشيخ المسجد في المساء مهموما..وصلى التهجد ونام اكثر هما بالسؤال وباجابته ويروي الشيخ ما حذث بعد ذلك فيقول بان سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام قد جاءه في المنام و قال له هل تعرف من الذي سالك سؤال اليوم انه العبد الصالح سيدنا الخضر عليه السلام .. فان جائك في الغد و سالك قل له .. شان ربي اليوم.. يرفع اقواما ويخفض اخرين..فلما جاءه السائل في اليوم التالي وساله .. هل عرفت الاجابة ياشيخ؟ قال له نعم ايها السائل الكريم..شان ربي اليوم يرفع اقواما ويرفع اخرين.. فقال له الرجل – سيدنا الخضر—اذن صلي على الذي علمك..
هذه الحكاية الصوفية الجميلة قفزت الى عقلي وانا اشاهد مباريات كاس العالم للناشئين منذ شهور.. وانا ارى بام عيني كيف يتساقط الكبار الواحد تلو الاخر من الادوار التمهيدية..اولئك الذين كان لهم السبق و المراكز المتقدمة في الاعوام الماضية ..بينما ارى صعود الغلابة الذين كان اقصى طموحهم عندما جاءوا الى مصر هو مجرد المشاركة ..فهل هكذا شان ربك في كل يوم وفي كل شهر وفي كل عام وفي كل كاس .. يرفع اقواما ويخفض اخرين..
ان هذا الشان الالهي الحكيم يطفر بنا عبر حكاية كاس العالم ..نحو الامل في تحقق الحكمة القائلة بان دوام الحال من المحال ..و ان ما نراه من هيمنة دولة ظالمة على دولة مستضعفة هو حال لا يدوم .. وان تحكم دولة غنية في مقدرات دولة فقيرة هو حال لا يدوم ..فكم من دولة تربعت على عرش العالم ولم تكن الشمس تغيب عنها ..ثم فعلت فيها السنة الكونية فعلها ..اين المانيا هتلر؟ أين ايطاليا موسوليني..؟ أين روسيا خروشوف؟ أين يوغوزلافيا جوزيف تيتو؟ أين امبراطورية الحبشة هيلاسلالي..؟ ان من اتساؤل عن وجودهم هذا هم امبراطوريات كانت عظيمة ولم يمض على عهد عظمتها وهيمنتها عسكريا و اقتصاديا على رقعة كبيرة من العالم اكثر من خمسين عاما ..فاين هي الان ..؟حتى تاريخيا يمكننا ان نتساءل ..اين هم قوم عاد ؟واين هم قوم ثمود؟ واين ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ؟؟ اليست كل تلك الدلائل تشير الى ان ما نشكو منه الان من واقع ظالم ..
هو امر لا يصمد ولا يمكن ان يصمد امام الناموس الكوني..كل يوم هو في شان وامام التفسير النبوي الكريم ..يرفع اقواما ويخفض اخرين..
لقد ذكر الله في كتابه الكريم ونريد ان نمن على الذين اسضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ..صدق الله العظيم..
وهذا هو اليقين في نفوسنا ولا يبقى الا ان ندعوه سبحانه دون استعجال فقد –اتى امر الله فلا تستعجلوه — ان يطيل في اعمارنا ..لنكون من حضور ذلك اليوم .. يوم اندحار الباطل الظالم وعلو شان المستضعفين .. لنرى ذلك باعيننا مثلما نرى الان سقوط الكبار في كاس العالم..
واللهم لا شماتة – فتلك ايات الله في الارض .. والعبرة لمن يرى ويعتبر..