متابعي الكرام ، السيدات والساده , اليوم نتحدث اليكم في قضيه هامه تمس الانسان المصري بشكل عام وتخص المريض المصري بشكل خاص ، واقول انه
من حق أى مواطن أن يجد العلاج فى مستشفيات الحكومة بحكم الدستور وبالمجان فى أى وقت، ويحق لمريض الطوارئ العلاج فى المستشفيات الخاصة بالمجان بقوة القرار غير المفعل لرئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب 48 ساعة وعلى حساب الدولة.
والقرارات والقوانين حبر على ورق يتشدق بها مسئولو الدولة تجميلا للصورة ورغم علم الجميع بأن العمر لحظة وفى الأعراف الطبية دقيقة واحدة قد تنقذ حياة مريض، لكن الحقيقة أن تلك الأعراف لم يعد لها مكان فى مستشفياتنا الحكومية والخاصة حيث يتحول أهالى المريض إلى «كعب داير» من مستشفى إلى آخر أملا فى الحصول على سرير فى العناية المركزة لإنقاذ المريض من الموت، الذى غالبًا ما يكون مصيره المحتوم بسبب ضعف الإمكانيات أو لعدم توافر أسرة العناية المركزة مع طول قوائم الانتظار بالمستشفيات العامة أو بسبب رحلة بحث طويلة لتجميع واستدانة آلاف الجنيهات لتحقيق مطالب المستشفيات الخاصة كشرط أساسى للحصول على سرير بالعناية المركزة تحت الحساب.
وتبقى كلمة.. إن المواطن الذى ضرب أروع الأمثلة فى الصبر و«شد الحزام» على البطون الخاوية فى مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد، إلا أننا لا يمكننا مطالبته بالصبر أمام المرض وتكاليف العلاج التى فاقت طاقته على مواصلة مشوار الحياة!!
العثور على سرير فى غرفة العناية المركزة بات مستحيلاً وأصبح الموت فى انتظار المريض الذى يفشل أهله فى العثور على سرير فى العناية ليتبدد الأمل الأخير فى إنقاذ حياته، والأسباب عديدة ومتنوعة قد تكون بسبب نقص عدد الأسرّة أو قلة عدد الممرضات المدربات أو أطباء العناية المركزة المتخصصين وقد تجتمع كل هذه الأسباب معًا، الأمر الذى جعل تسيطر عليهم فكرة «أن غرف العناية المركزة» أصبحت من حق الأغنياء فقط دون الفقراء، وبات السرير حق لمن يملك، فالمريض الغنى له حق الحياة أو الإنعاش أم الفقير فعليه الانتظار فى قائمة طويلة تمتد لعدة شهور ربما كان مصيره الموت فى النهاية، وأصبحت التجارة بحياة المريض «بيزنس» المستشفيات الحكومية والخاصة، وأصبح الدخول إلى العناية المركزة مشروطًا ومصحوبًا بخدمات خمس نجوم بل ومحجوز لحساب كبار الأطباء
المشهورين ولصالح المرضى المترددين على عياداتهم الخاصة.أزمة «سرير الإنعاش» حقيقية وكارثية تؤكدها وتدعمها الأرقام والبيانات الرسمية وغير الرسمية رغم تضاربها، فهناك إحصاءات رسمية تشير إلى وجود نحو 8 آلاف سرير موزعة على المستشفيات العامة والتعليمية، بينما أكدت تصريحات بعض قيادات الصحة أن العدد لا يتجاوز الـ7 آلاف سرير فقط فى جميع المستشفيات بما فيها القطاع الخاص والقوات المسلحة والمستشفيات الجامعية ويخص مستشفيات وزارة الصحة منها نحو 3 آلاف سرير فقط وهو عدد لا يكفى، حيث إن القاهرة وحدها تحتاج إلى 1000 سرير إضافى وبشكل عاجل، نفس القيادات سبق أن أكدت عدم وجود استراتيجية محددة لدى وزارة الصحة لزيادة عدد أسرة العناية المركزة، حيث إن تكلفة زيادة السرير الواحد تصل إلى مليون جنيه.
ومن الإحصاءات الرسمية أيضًا ما أسفرته نتائج مسح وتحليل الإمكانات والتجهيزات الطبية المتاحة على مستوى الجمهورية والذى أجرته وزارة الصحة لمعرفة التحديات التى تواجه قطاع الصحة من واقع خارطة مصر الصحية بهدف الوصول إلى تمتع كل المصريين بحياة صحية سليمة آمنة من خلال تعزيز الحق فى الصحة ومتماشيًا مع المؤشرات العالمية للصحة، حيث يشير المسح إلى أن عدد المستشفيات الحكومية بلغ 612 موزعة على المستشفيات العامة وهو المستوى الثانى بمقدار 62 مستشفى و205 مستشفيات مركزية المستوى الثالث و19 مستشفى صحة نفسية و42 مركزًا طبيًا متخصصًا و19 مستشفى تعليميًا و138 إجمالى المستشفيات النوعية و94 للمستشفيات الجامعية، وبالنسبة لنسب التشغيل بالمستشفيات وجد أن عدد الأسرّة الحكومية حوالى 49475 سريرًا، والمستوى الثانى يمثل 12500 سرير بنسبة 50٪ والمستوى الثالث بنسبة 80٪ بمعدل 25000 سرير والتأمين الصحى بنسبة 75٪ بمعدل 6 آلاف سرير والمؤسسة العلاجية 25٪ بمعدل 2500 سرير، وبذلك يكون متوسط عدد الأسرة 22 سريرًا لكل 1000 نسمة والمعايير الدولية هى 93 سريرًا لكل
1000 نسمة.وأشار المسح أيضًا لاستقبال الطوارئ لـ20 مليونًا و545 ألف حالة سنويًا ومن هذا المنطلق وجد وتبين أن عدد أسرة العناية المركزة هو 6569 سريرًا من بينها المستوى الثانى المستشفيات العامة بطاقة 782 سريرًا و999 للمركزى وهو المستوى الثالث و236 نوعيًا و350 تعليميًا و511 مركزًا طبيًا متخصصًا و3200 جامعى والتأمين الصحى 593 والمؤسسة العلاجية 98 وهو ما يعنى بلغة الحسابات والأرقام أن متوسط عدد أسرّة الرعاية المركزة هو سرير واحد لكل 16 ألف نسمة فى حين أن المعايير الدولية هى سرير واحد لكل 7000 نسمة، وتزداد مشكلة أسرة العناية المركزة بمحافظات الصعيد التى لا نملك إلا سريرًا واحدًا لكل 22 ألف نسمة!
أم الكوارث!!
كشفت نتائج المسح ما يبكى ويضحك فى آن واحد من الهم، وعما تواجه نسب إشغال أسرّة الرعاية المركزة من تحدٍ كبير بسبب ندرة القوى البشرية المتخصصة حتى لتشغيل الطاقة الكاملة للأسرّة المتوًفرة فعليًا، ففى داخل المستشفيات العامة المستوى الثانى هناك 92 سريرًا مغلقًا ولا يعمل ونحو 583 تعمل بأقل من نصف طاقتها و1106 تعمل بنسبة 90٪، بينما فى المستوى الثالث المركزى وجد أن هناك 300 سرير مغلقة، ونحو 1100 سرير تعمل بأقل من نصف طاقتها وحوالى 2787 تعمل بنسبة 92٪ وبالنسبة للتأمين الصحى وجد 8 أسرّة مغلقة للعناية المركزة و390 تعمل بنسبة 90٪ بينما وجد فى المؤسسة العلاجية 20 سريرًا مغلقًا وحوالى 98 تعمل ولكن بنسبة 80٪.
ومن الإحصاءات الرسمية لغير الرسمية التضارب أيضًا موجود ما بين الـ4 آلاف و500 سرير إلى الـ7 آلاف سرير ووصل لأفضل تقدير حصرى غير رسمى لـ10 آلاف سرير، وذلك كعدد فقط ودون حصر فعلى بتصنيف تلك الأسرّة من حيث توافر الإشراف الطبى المتخصص أو الإشراف التمريضى أو التجهيزات الطبية، وبصرف النظر عن ذلك فإن آخر النسب الدولية لعدد أسرّة العناية المركزة بالنسبة للتعداد البشرى للدول المختلفة وجد أنها سرير لكل 4000 مواطن فى أمريكا ولكل 6 آلاف فى انجلترا ولكل 7000 مواطن فى تركيا، وبذلك وطبقًا لآخر تعداد سكانى لمصر سواء كان لـ90 مليونًا أو 91 مليون نسمة. فمصر فى حاجة إلى سرير لكل 10 آلاف مواطن بما يعنى عجزًا فى عدد الأسرّة يصل لـ80 ألف نسمة ويزيد وهنا تكمن المشكلة، تلك والتى تتعاظم وتتفاقم مع النقص الحاد والخطير بأطباء العناية المركزة والتمريض وعزوف البعض عن العمل الشاق وإمكانية العدوى داخل غرف العناية المركزة، وذلك حتى مع نجاح مصر فى توفير العجز المتمثل فى الـ80 ألف سرير، وهو أيضًا ما يتسبب فى قصور دائم لأداء خدمة العناية المركزة فى العديد من المستشفيات وبمختلف أنواعها…
هذه هي ادني حقوق المريض المصري التي سنظل ندافع عنها ما حينا….
والله الموفق والمستعان ..
المستشار الدوائي للجمهوريه …
الدكتور / هاني عبد الظاهر….