[ad id=”66258″]
بقلم د : أحمد الشامي
وذلك لأن ساس الأمور في لغة العرب في المعجم الوسيط دبرها وقام بإصلاحها والجمع ساسة وسُواسُ . ودبر الأمر لغة ساسه ونظر في عاقبته . وأصلح الشيئ لغة أزال فساده . وورد في التنوير لإبن عاشور لقوله تعالى ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتَ الحكمةَ فقد أوتي خيراً كثيراً ..) سورة البقرة آية رقم 269 . والمهمّ من الحكمة في نظر الدين أربعة فصول أحدهما معرفة الله حق معرفته وهو علم الإعتقاد والحق ويسمى عند اليونان العلم الإلهي أو ما وراء الطبيعة. والثاني ما يصدر عن العلم به كمال نفسية الإنسان وهو علم الأخلاق .
والثالث تهذيب العائلة وهو المسمى عند اليونان علم تدبير المنزل .
والرابع تقويم الأمة وإصلاح شؤونها وهو المسمى علم السياسة المدنية وهو متدرج في أحكام الإمامة والأحكام السلطانية ودعوة الإسلام في أصوله وفروعه لا تخلو عن شعبة من شعب هذه الحكمة .
وورد في الحديث عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيئ غير ناضح وغير فرسه فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن ولم أكن أُحسن أخبز وكان يخبز جارات لي من الأمصار وكن نسوة صدق وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التى أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي منى على ثلثي فرسخ فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال إخ إخ ليحملني خلفه فإستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأني قد استحييت فمضى فجئت الزبير فقلت لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى معه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك فقال والله لحَملُك النوى كان على أشد من ركوبك معه قالت حتى أرسل إلى أبو بكر بعد ذلك بخادم يكفيني ساسة الفرس فكأنما أعتقني .
[ad id=”1177″]
صحيح البخاري رقم 4849 في كتاب النكاح باب الغيرة . لذا يجب علينا أن نتعامل مع السياسة على أنها علم يقوم بتوفير الأشياء أوالخدمات التي تعين الإنسان على الحياة فى وقتها أو بعد وقتها أو حين الأزمات كما يقوم بإصلاح الأشياء أو الخدمات التي تحتاج إلى تقويم أو إصلاح بدلا من إستبدالها بأشياء أخرى مكلفة خاصة وإن كانت الأمور المالية متعسرة وتقويم الأشياء أو الخدمات سوف يؤدى نفس الغرض ربما إلى مدة معينة حتى تتحسن الظروف ويكون بالإمكان تغيرها .
بالإضافة إلى النظر فى عواقب الأمور هل ما نقوم به الآن سوف تكون عواقبه حميدة أم ذميمة ؟ وهل ما سنقوم به الآن سوف يجلب علينا حروبا أم سلم ؟ وهل سوف يحقق لنا الإكتفاء الذاتى أم لا ؟ وهل إذا تحقق كذا وكذا سوف يعود علينا بالخير أم بالشر ؟ .
وهكذا يكون النظر في عواقب الأمور وتقديرها قبل وبعد القيام بها . ومن ثم ينبثق الخلاف بين السياسة في الإسلام وفى غير الإسلام أي بين السياسة الشرعية وغير الشرعية .
فيجب علينا أن نفرق بينهم لأن السياسية غير الشرعية لا تنظر إلى عواقب الأمور ولا تنظر فى الحلال والحرام ولا إلى الممنوع وغير الممنوع ولا إلى الضار وغير الضار بل يُنظر فيها إلى السيطرة والهيمنة وسد الحاجات دون النظر إلى طرق الوصول إلى الغايات هل هى مشروعة أم لا ؟ .
بينما الأمر فى السياسة الشرعية خاضع لتعاليم شرعية نص عليها الكتاب والسنة النبوية الشريفة . ومن أمثلة ذلك أن التوفير لا يكون عن بخل أى أن البخل لا يعد توفير بل هو شيئ مذموم فى الدين . كما أن إصلاح الأشياء لا يتم بأشياء يحرمها شرع الله مثال إصلاح الإقتصاد بأموال ربوية أو مسروقة إلخ .
والنظر في عواقب الأمور يكون دائما وأبداً هل نهاية هذه الأشياء أو الأمور التي نقوم بها سوف نلقى الله سبحانه وتعالى بها ونحن في الجنة لسلاماتها ومشروعية طرق الحصول عليها أم ونحن معذبون بها فى نا جهنم . بمعنى أن الجنة والنار هما مقياس النظر فى عواقب الأمور .
ولهذا فإن السياسية في الإسلام هى التوفير والإصلاح والنظر في عواقب الأمور وهي الحكمة وعلم تدبير المنزل بما يوافق شرع الله سبحانه وتعالى .
[ad id=”87287″]