قديما كان العلماء والخطباء هم من يتحدثون في أمور الناس … حملت لنا صفحات التاريخ الكثير من الأسماء اللامعة من حكماء وعقلاء وخطباء كانت كلماتهم درراً وذهباً ومصابيح خيرا يستنير بها الناس في ظلام الفكر وبزوخ شموع الأنا.
ومع التطور وصلنا للوقت الذي بإمكان كل شخص انشاء منبرا خاصا به ينشر للناس ما عنده سواء ذو أهمية او سخافات واكاذيب المهم ان الفضاء مفتوح ولارقيب ولكل من اصحاب المنابر متابعيه .
لقد فتحت الابواب على مصرعيها للجميع وانشأ كل من اراد صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي او افتح قناة يوتيوب واخذ يبث فيها ما تشاء برغم ما في هذا الأمر من إيجابية نشر المعلومة وتوعية الناس وتوسيع افهامهم ومداركهم الا ان هناك استشري وانتشر كالوباء يقدم أفكار مغلوطة وبلغة ركيكة ساقطة هزيلة ومع ذلك تبعه الكثير فتجد متابعيه بالآلاف والبعض بالملايين.
لم تعد لحياتنا مذاقها الذي كان قبل ان تغزونا معلومات لا تتوقف سياسية اجتماعية منوعة نتلقاها على مدار الساعة.
عقولنا بدلا ان تبدع توقفت أصبحت فقط تتلقى مع تضليل ما نتلقاه من كتابات وغيرها
وهنا اتسعت رقعة المعرفة المبطنة بالجهالة.
ومن المؤسف حقا ان هذه المواقع وصفحات التواصل الاجتماي اتاحت للبعض نشر البلاهة والعبط من خلال الأفكار والمنشورات الغبية التي تنم عن جهل وللأسف يصدقها الكثير ويتفاعلون معها وصارت لديهم من الامور الواقعية .
تُفاجئنا مواقع التواصل بما تحمله من سفه كبير بين الناس في التعاطي مع القضايا العامة فلا مكان للعقل والمنطق بل حمقى وسفهاء يكذبون ويصنعون الكذب والعامة تصدق وتردد،
لقد استطاعت مواقع التواصل النفوذ الى عقول الناس وتوجيه الرأي العام نحو ما يرسمه لهم من يحسبون انفسهم النخب والمنتقين من خلال تلك المواقع والاعداد الكبيرة من البشر الذين تم توظيفهم حتى أولئك الذين يشاركون بشكل غير مباشر دون ترتيب منهم أساسا،
امتلأ عالمنا بأرجوزات ومهرجين يمتطون الحديث عن قضايا الناس الكبرى والمجتمع ويصدُق فيهم حديث من لا ينطق عن الهوى عليه أفضل الصلاة واتم التسليم: “سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ “.
إضافة انه لا يخلو طرحهم من السب والقذف والشتائم والاتهامات الكاذبة ولا يخلو من السفه واشباع الناس بأساليب منحطة في الطرح يتأثر بها كثير من الناس وأصبحت اسلوب تعامل عام .
تلبّدت اجواءنا بالسوداوية اطروحات كئيبة وتحليلات مخيفة ومعلومات تشعرنا اننا نعيش بغابة لا مستقبل لها ولا معالم للنجاة منها.
غابت او على الأقل تحجمت وابتعدت عنا المعلومات الإيجابية والأفكار الإبداعية حتى ان الناس لم تعد تأبه كثيرا بما يفيد بل تجري وراء من يضحكها وهو في الواقع يضحك عليها ويقدم لها مالا يستحق التوقف عنده.
المرتجي
فما احوجنا الى أقلام صادقة وعقول منفتحة لا تخضع لقيد المال والشهرة وبيع الضمير لمن يدفع تحاول تعديل دفة المركب المائلة فو الله ان بقينا نعيش في عالم الزيف واعتلاء الرويبضة للمنابر واستفحال الجهل تكاد سفينتنا ان تغرق
أصبح واجبا على الجميع القيام بدوره المشرف لإنقاذ هذا الجيل ومن سياتي بعده.