طقوس رمضان في ليبيا رخاء وكساد والشتات سيد الموقف

أعد التقرير/ عبدالحميد شومان
تجولت خلال الأيام الأربعة الأولي من الشهر الفضيل بين بلدان أربعة دولة الكويت وجمهورية لبنان ومن ثم تونس الخضراء وكان يومنا الرابع في جمهورية العراق حيث كرم الضيافة علي التشريب والمكبوس وختاما باستكانة الشاي.
الي ان ساقتني الفكرة للتجوال في شوارع ليبيا وتعرفت علي طقوس الشعب الليبي الشقيق وكيف كان يحيي ليالي رمضان في السابق وكيف حاله اليوم في يوم الإثنين الحادي والعشرين من مايو سنة 2018 الخامس من رمضان .. 
وبعد جولة بين رمضان الرخاء ورمضان الكساد كان لزاما عللي أن أحمد الله عز وجل علي مصريتي وانتمائي لهذا الوطن العظيم مصر التي لولا عناية القدر لكنا جميعا نجلس نتذكر كيف كنا وكيف أصبحنا ..

رمضان في ليبيا الرخاء 
كان موسم لتبادل الزيارات والعزائم العائلية فهو مناسبة دينية لست كغيرها من المناسبات، فهي تجمع في ثناياها كثيراً من الملامح الإيمانية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وتثري في فحواها دولاً وشعوباً بروحانيات تتجلى فوق حد الممارسة لتصنع في النفوس متعة ذاتية لا يجدها سوى الصائم الذي خصه المولى عز وجل بفرحتين واحدة عندما يفطر وأخرى عندما يلاقي ربه، ولذلك كله وأكثر ينفرد الشهر الفضيل بالكثير من الإيجابيات والسمات الحميدة التي تجعل منه مناسبة تتفوق على كل شي في كافة الدول العربية والإسلامية.

ملامح رمضانية ليبية متشعبة، يوافق بعضها التقاليد المتوارثة في كثير من دول المغرب العربي، منها أن جميع العائلات هناك، تستعد للشهر الكريم بإجراء صيانة تقليدية للمنازل ومن ثم شراء أدوات طعام جديدة، إضافة إلى المواد التموينية بمختلف الأصناف الغذائية اللازمة لتغطية أيام الشهر الفضيل مع الإشارة إلى أنه في النصف الأخير من شهر شعبان والعشر الأوائل من شهر رمضان تزدحم الشوارع بالمتسوقين في كل اتجاه، تماماً كما يحصل في فترة عيد الفطرحينما تصطف السيارات ويترجل من فيها لشراء مستلزمات كثيرة، تليق بمكانة الشهر الفضيل وتوافق متعة العيد السعيد.

الي جانب الروحانيات والطقوس الدينية فالمساجد في ليبيا تظل الشاهد الأقوى على مكانة شهر رمضان الدينية والروحانية في قلوب وعقول الليبيين، ففي صلاة التراويح كما في الصلوات الأخرى، تعج المساجد بآلاف المصلين، في حين أن صلاة المغرب تتخذ خصوصية أخرى في رمضان ليبيا، إذ أن العائلات هناك تقدم ما لديها من طعام الإفطار لمئات المصلين الذي يؤدون صلاة الجماعة وهو تقليد ليبي عند أذان المغرب تزهو سفرة الطعام الليبية بالتمر والحليب واللبن والماء والعصير، وعقب ذلك يقوم الجميع لأداء صلاة المغرب، ومن بعدها تقدم سفرة الشوربة والمقبلات، مثل البيتزا والسبوسك والمحشي (كوسا، فلفل، ملفوف) وغيرها من المقبلات والسلطة، ثم تأتي سفرة الشاي الأخضر مع الكيك، قبل أن يتوجه الجميع رجالاً ونساءً إلى صلاة التراويح، وبعدها بساعتين يأتي موعد الفاكهة والمكسرات، فيما يكون السحور قبل الفجر بساعة، وهو تقليد عام في ليبيا، ربما يختلف قليلاً من بيت إلى آخر.

ومن العادات الراسخة لدى الشعب الليبي فى شهر رمضان، الاجتماع العائلي صغاراً وكباراً، والحرص على تقديم مختلف الأكلات الشعبية منذ اليوم الأول، فالعائلات خلال الشهر الكريم، تحرص على تتبادل الزيارات والعزائم طيلة أيام الشهر المبارك، فيما يحرص جميع أفراد العائلة من جهة أخرى على ختم القرآن الكريم خلال الشهر الكريم ومن جانب آخر تقام أمسيات رمضانية تضفي على الواقع مزيداً من المتعة الدينية .

وعن الأجواء الروحية فهي تتلخص في أن المجتمع الليبي يقبل بكثافة ملحوظة على تأدية الصلوات الخمس في المساجد وترى الاطفال يتنافسون على الصيام والصلاة، وهو ما يقابل بتشجيع من الأهالي الذين يقدمون لهم الهدايا والنقود وما سواه، أما ربة البيت فهي تستعد لرمضان على طريقتها الخاصة، حيث تتفنن في إعداد أشهى الأطباق الرمضانية التي ينتظرها الجميع طوال نهار رمضان.

رمضان في ليبيا الكساد
فلا يخفي علينا أن ليبيا في استقبلت رمضان وليس هذا العام قط بل منذ قرابة ال7 سنوات وكل عام يزداد الكساد كساد .. 
وقد استقبل الشعب الليبي شهر رمضان وسط أجواء من التوتر الأمني واستمرار الصراع في عدة مناطق من البلاد والتي دفعت هذا البلد المنتج للنفط والغاز إلى بلد صاحب أزمة اقتصادية خانقة من الطبيعي إنعكست بدورها على المواطن الليبي مع الإرتفاع الحاد للأسعار بسبب انهيار العملة المحلية واستفحال أزمة السيولة في المصارف.

وتتزامن أزمة نقص السلع المدعومة وارتفاع الأسعار، مع نقص في السيولة لدى المصارف، ما يزيد من معاناة الليبيين في توفير احتياجاتهم.ففي ظل الاوضاع الصعبة التي يمر بها المواطن في ليبيا منذ سنوات ومع حلول شهر رمضان المبارك،يضطر المواطن الليبي للوقوف في طوابير طويلة تستمر لساعات امام المصارف وسط زحمة خانقة من اجل الحصول على جزء من مرتبه.

على صعيد آخر،فقدت عدة مدن ليبية نكهة الإحتفال بإستقبال شهر رمضان الكريم على وقع تردي الأوضاع الأمنية ففي مدينة درنة،تشتد الأزمة مع تتصاعد حدة العمليات العسكرية التي أعلنتها القوات المسلحة الليبية ضد العناصر الارهابية المسيطرة على المدينة.وتلقي هذه التطورات بظلالها على المدينة التي تعاني من ارتفاع غير مسبوق لأسعار الوقود وغاز الطهي، فضلاً عن معاناة سكان المدينة أوضاعاً صعبة بسبب إغلاق مداخل ومخارج المدينة،بالإضافة إلى زيادة في أسعار المواد الغذائية بشكل ملحوظ،ونقص السيولة في المصارف.

ويستقبل الليبيون شهر رمضان هذا العام ولا جديد في حالهم فعلى مدار السنوات السبع الماضية، تعيش البلاد حالة فوضى عمقتها الحرب وضاعف أوجاعها التناحر على السلطة بين الأطراف الليبية،ولم يظهر في الأفق بوادر لحلها.ليعود الشهر المبارك كسابقه فلا سلام يعم ولا كهرباء تدوم والغلاء ينهش جيوبهم والسيولة غير متاحة والانقسام والتشتت سيد الموقف.

 

Related posts