الجمهورية اليوم دوت كوم
موقع اخباري شامل اخبار عربية وعالمية وظائف اهرام الجمعة خدمة الاسعار

هاتو برهانكم .. بقلم : محمد صادق

- Advertisement -

صورة ملف ‏محمد صادق‏ الشخصي ، ‏ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏‏

كتب : محمد صادق 

 

هاتوا برهانكم !

الحٌجة والبرهان  دائماً هما السبيل لمشروعية  الأمور  مالم تتنافي مع الأخلاق والقيم ، والأخلاق والقيم والمبادئ كلهن  يشرقن من تحت مظلة  الأديان ، والأديان جميعها وفى مقدمتها الدين الاسلامي تتفق على حرمه دم المسلم وغير المسلم  بغير  وجه حق ، ولا توجد شريعة من الشرائع ولا ملة من الملل تبرر القتل وسفك الدم لأي نفس بريئة مالم تكن إحداهما هي المبادر ة بالتعدي والقتال ،ولقد صَرّح بذلك القرآن الكريم في عديد من المواضع  كقوله ” فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ  كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (- البقرة 191) ومعلوم أن الآيات  نزلت في قتال المشركين وتذكير الله للمؤمنين بحرمة البيت والقتال فيه  إلا بحق  أو مباغتة الكفار لهم بالقتال  .

 والبيت الحرام الذى نهى الله المؤمنين عن الاقتتال فيه هو نفسه الذي أسند النبي الكريم”  صلى الله عليه وسلم “ظهره إليه وقال بعدما عَظّم من حرمته ومهابته  : عن عبد الله بن عمر قال: “رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك! ما أعظمك وأعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه وإن نظن به إلا خيرًا” [رواه ابن ماجة]، وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا”، قال ابن عمر: “إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله” (رواه البخاري)

وهذا التصدير للمقال بالقرآن والحديث الشريف  يٌشددّ على عقوبة قتل النفس بغير حق ويجعل هذا الذنب من عظيم الأمور التي تصل بصاحبها إلى حد الورطة التي لا مخرج لها إلا بتوبة وأوبة وقصاص،  و ما نشهده وبخاصة في تلك الأيام من انتشار للقتل  وسفك الدماء والتفجير للمؤسسات والأماكن الحيوية التى تخدم مصالح المسلمين يتنافر بشكل مباشر  لا التواء فيه ولا تبرير  مع مبادئ الدين السمح  ، وكذلك قتل الجندي الرابض بموقعه حفاظاً على تراب وطنه من الغاصب والمحتل وتأدية الواجب الوطني المنوط به باعتباره فرد من أفراد هذا المجتمع .

ولقد دٌعيت إلى عشية تأبين لأحد الجنود بقريتي وطٌلب مني أن أقول كلمة في هذا الشأن الذي طال واستمرأ المٌعتدي الجبان الوقح فيه  اهدار الدماء البريئة للجند والناس، وتفجير كنائس أهل الكتاب  وما شابه ، وأرى أن كثيراً من بلادنا الاسلامية والعربية تقع تحت مِقصلة تلك الاعتداءات الوقحة الغادرة  بشكل متفاوت  خاصة في مصرنا الحبيبة-  وكل شعوب العٌرب شعوبنا .

 ونعود لما دٌعينا لأجله  : ترددت بما ابدأ الكلام والأمر ليس بالسهل الهيّن الخوض فيه ، وبخاصة فيما يَمسّ العقائد والأديان يحتاج من صاحب القلم التثبت والوقوف على أرضِ ثابتة  غير رخوة ؛  فرأيت أن البحث عن حٌجج هؤلاء التي خلفها يستترون ويخفون  وراء راياتها  بواطن صدورهم المعتمة والتى لا تعرف أننا دين المرحمة ، ونبينا الأكرم الذي حاز بعمومية الرسالة الأفضلية على سائر الرسل ” وأرسلناك للناس كافة ”  قال في حديث له ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق–  والأخلاق تتنافى مع أصحاب الغدارات  .

نقلت عن مقال نٌشر منذ أكثر من ربع القرن – للأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق/  من علماء الأزهر الشريف  وكان رئيس تحرير المجلة آنذاك ،وقد صّدّر بمقاله مدخل العدد بعنوان ” الخلافة وأزمة العقل الإسلامي ”  تتبعت سطور الكاتب حتى وقعت عيني على الجزئية التي إليها أسعى وأحفد ألا وهي الخلافة من المنظور الشرعي فنقلت عنه “

(والأمر الذي نود أن نؤكد عليه أن الخلافة لم تكن يوماً من الأيام أصلاً من أصول الدين ، ولكنها صيغة من صِيغ الحكم ولا تعدو أن تكون فرعاً من الفروع  ووثق قائلاً :-   وهذا الأمر مقررٌ حتى لدى المذهب الأشعري والذي يٌعّد المذهب المٌعتمد لدى أهل السنة والجماعة .)(  1 )

لا أقول أن تلك الفتوى قد أثلجت صدري للتفشي في مثل هؤلاء  وذلك لأمرين :-

الأول :  إن الخلافة إذا كانت راشدة جمعت تحت مظلتها الأمة وجعلت لها مكانة يهابها الجميع ويخشونها ويٌحسب لها ألف حساب ، لكن الداعي كما بَيّنت بعاليه هو الوقوف على حرمة هذا السيل العَرم من الدماء البريئة حتى ولو كانت الخلافة هي المقصد والمطلب .

الثاني :- ليس لدى هؤلاء مؤهلات الخلافة للمسلمين ولا هم أهل ولا واجهة للدين الإسلامي ليعتد بها وليسوا وحدهم  العاملين  على ذلك بل إن قوى للشر أكبر من خارج ديار المسلمين تسعى في الخفاء لإظهار الاسلام وأصحابه همج ارهابيون  – لا يعرفون معنى الرحمة والسماحة . وفي كتاب صراع الحضارات الذي افترى  فيه المفتري ” (صموئيل هينتنجتون)  بنظرية العداء للإسلام ليصفه بأنه العدو  الجديد  أو إنه العدو البديل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ” ظناً منه هذا السطحيٌ الأجوف” أن الدين الاسلامي مجرد حضارة تظهر زمناً ثم يؤذن لها بالاندثار والخفوت ، ولو أنه اطلع وتجول بين طيات العصور لوجد أن كل حضارات الدنيا اقتفت آثار العرب والمسلمين  وعلمائهم  في شتى المجالات ،وأن الدين الاسلامي لا يقرّالكفر بمن سبق من الملّل السالفة ،  بل إن من ثوابته الايمان باللهوبرسله كلهم وكتبه كلها ، لكنهم قوم لا يفقهون . إن حضارة  الاسلام لا تتعارض مع حضارة ابدأ إلا كانت تلك الحضارة الأخرى بها خلل أخلاقي هنا يحدث التنافر والاختلاف  .

إن الدين الإسلامي الذي لم يسد بقوة سيف بل بالرحمة ولين الجانب  لم يكن ليرضى بتعاليمه وأحكامه  وما نصّ عليه القرآن الكريم وسٌنّة النبي صلى الله عليه وسلم  من جور على أحد أو قتل للأنفس البريئة وما نراه الأن من همجية لا تمت للإسلام بذات صلة .

وفي مقالي الذي أسعدني نشره بشبكة الالوكة العربية الدعوية الوسيطة المٌنتهجة نهج الدين السمح  .

(إن دينَنا لم يَسُدِ العالم بقوة سيفٍ ولا رمح، وإلا كنَّا كالحَمَلات السابقات والتاليات لغيرنا، نظهر زمنًا ثم يُؤذَنُ لنا بالاندثار؛ نحن أمة وسط ممدوحة بالوسطيَّة والأفضلية؛ لذا ساد دينُنا الحنيف جنبات الأرض، وستُشرِقُ الشمس يومًا وقد اخضوضر اليابسُ بفضل هذه العقيدةِ العالية التي ما علَتْ بتقديس لأصحابها قدر سموِّها بحسن المعاملة والتيسير.(   2  )

وبالتأكيد ليست الخلافة وعودة دار الخلافة مقصدهم الأصيل ولو كانوا كما يدّعون لابتغوا لذلك السبيل القويم ولهداهم الله إليه بجادة الصواب وحسن المسلك ، لكنهم  قتلة فجرة  لهم أغراض أخرى ومسارات مظلمة وإنهم مرتزقة –  نسأل الله النجاة والظهور عليهم . وليست تلك الجماعات التفكيرية المتشددة وليدة هذه الأعوام أو تلك الأيام لظروف سياسية وحسب،  بل هي من قديم ولقد سجلت  كتب التاريخ بظهورهم في زمان الدولة العثمانية نفسها وتكفيرهم لشارب” القهوة”  – والحكم بالجلد عليه متى ضٌبط وهو يحتسيها ! وأيضاً مرت بلادنا بمن كَفّروا استخدام الطباعة من أمثال هؤلاء لمدة تخطت الثلاثة قرون كانت كفيلة تلك الفترة بأن تنهض الأمة وتعود لسابق عهدها من الرقي والازدهار   ، في حين كانت أوروبا قد نهضت وتخلت عن العصبيات وباتت تعتصر خلوداً للنيل من علومنا وعلمائنا الذين وضعوا لشتى العلوم أصولها . ولم آت بذلك من تلقاء نفسي بل من مقالِ  من عدد 322بمجلة العربي  بعنوان ” البيان في أسباب نزول القرآن لكاتبة الموقر – أ/ حسين أحمد أمين/  يتناول فيه إشكالية بعض المتشددين في أمور الدين مروراً بعصر الخلافة العثمانية ووصولاً إلى زمانه  وبرهن فيه بالتنزيل المحرمات التي حٌرمت والحلال البيّن .  مستشهداً بقوله فى سورة الأنعام (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) .

ولن نألو القول بأن أمثال هؤلاء واشياعهم شبيه تمام التشابه مع ” القرامطة” الذين ظهروا في  أواخر القرن الثاني الهجري  وأوائل القرن الثالث  فقد قالوا جوراً وكفراً ببطلان شعائر الحج  واعتبروا أن الطواف المقدس  حول البيت عبادة للأصنام  وردة والجاهلية وتَكرّر أن اقتحموا الباحة المقدسة للحرم  مرتين ، – ومكة كلها حرم – فقتلوا الحجيج وسبوا النساء،  وحملوا معهم هؤلاء الفجرة  الحجر الأسودإلى “الأحساء ”  لمدة تخطت العشرين سنة ؛  فما اشبه فٌجّار اليوم بفٌجّار البارحة والذين امتد أذاهم حتى لعٌمّار المساجد بسيناء المباركة في حادثة ” مسجد الروضة “والتي أسفرت عن ارتقاء ما يناهز الثلاثمائة شهيد لرب كريم ، وأعيب على الاعلاميين قولتهم : سقط شهيداً  ” بل الشهيد مع أول قطرة دم يرتقي ويرتقي وتزهق نفس القاتل بما اقترفت من ذنب عظيم .

ومن سجل تاريخ  الدولة العثمانية أن السلطان العثماني “سليم الأول” لما تولى عرش البلاد عام 1805 م كانت أولى فرماناته أي قرارته ” ” حظر هجرة اليهود إلى أرض سيناء المباركة ) وكذلك تلاه السلطان ” سليمان القانوني”  في هذا الأمر  واصدر فرماناً يَقضِي :-  بمنع هجرة اليهود إلى سيناء  .. فاين أنتم أيها الكاذبون من الخلافة ؟!! حتى ولو كان لمن ذكرت أموراً تؤخذ عليهما – يكفيهم أنهم قدسوا أرضاً تجعلونها أنتم مسرحاً لاستعراض غدراتكم بجنودنا وعٌمار المساجد وأهل الكتاب  .

أما عن تفجير كنائس أهل الذمة والكتاب فالصغير  والكبير  وغزير العلم  والمار به مرور كرام يعلم قوله تعالى ” لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) وبَيّن بعدها فيما يكون القتال كالإخراج  من الديار والأذى.  إذن ما الحجة لهم هؤلاء القتلة في استحِلال دماء وأنفس الأبرياء الآمنين بديارنا من أهل الكتاب والذميين مالم يبادروننا بقتال أو أذى ؟!!

 ولعل الأمثلة التي ورددت ” بالسٌنّة النبوية المٌطهرة”  والتي هي ثاني مصادر التشريع قد خاضت في ذلك وقطعت شوطاً كبيراً لكبح رِكاب العصبية واعلان التسامح مالم ينال الناس بأذى ظاهر أو باطن .

أبسطها ذكراً – أوامر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للجند  والفاتحين إذا فزعوا للقتال والفتح : لا تقتلوا شيخاً أو طفلاً أو امرأة  ولا تقطعوا شجرة … أي وبكل وضوح الفتح بدون تخريب أو تدمير أو قتل للمسالمين . 

وأقول إن الأمر استدعى مني جولة بين طيات الكتب وجمعاً لشتات المعارف لأثبت وبكل حزم ببطلان ما يفعله هؤلاء حتى ولو كانت نواياهم كما يظهرون  والشاهد أمثلة من عصور متفاوتة  ، أردت أن أحصر بعضها كنماذج بها يحتذى وإليها نعود فالمثال الأول من القرآن نفسه  وما نٌزّل على قلب النبي بوحي .

  • الكثير يعلم قصة سرقة درع الأمام على بن أبي طالب كرم الله وجهه وكيف أن عدالة السماء قد أرسلت قرآناً يتلى إلى يوم القيامة ليبرأ ساحة يهودي من تهمة لم يفعلها وذنب لم يقترفه وفي مقالي المنشور شبكة الألوكة /آفاق الشريعة /مقالات شرعية /خواطر إيمانية ودعوية/ تحت عنوان لمن الولاء .. وممن البراء؟  وفيه أيضاً قد تناولت قضية خطيرة كانت تمر بها بلادنا العربية  ليثبت القرآن الكريم ديمومة حضوره بنصوصه وقصصه ومواعظه  ومواكبته لكل الأحداث سواء المطابق أو المشابه أو  ما عليه قياس – والشاهد في القصة كما نعلم أني قد أرسلت بسؤال  للقارئ  ” لماذا لم يقل ربنا: ثم يرمي به يهوديًّا؟
  • (لو تأملت معي أن تلك القصة القصيرة لها أبطال وشخوص ، ولعلَّك تتعجَّب من أن البطل الرئيس فيها هو ذلك اليهودي الذي نعته المولى – عز وجل – بقوله ﴿ بريئًا ﴾ ولم يكنِّه بأصله يهوديًّا، وأن الشخوص الثانوية في تلك القصة صاحب الدِّرع الإمام علي – رضي الله عنه – والرجل الذي سرق الدِّرع وكان من المسلمين، وكان يُسمى (الأبيرق)، وكلنا أو غالبنا يعلم القصة إن لم يكن يحفظها حفظًا؛ لكثرة عرضها على المنابر وفي المقارِّ وأماكن تلقِّي العلم-
  • الشاهد عندي هو أن الله – عز وجل – يُريد أن يعلِّمنا على مرِّ العصور والدهور أن اقتراف الذنب لا يُغني معه النسب ولا العصب، وهو مَن برَّأ اليهودي من فوق سبع سموات ونعته بالبريء؛ إحقاقًا للحق .ومطالبة عَلنية بتفعيل قوله – عز وجل -: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8]. (  3 ) 
  • إن القرآن الكريم دستورنا العادل الذي اٌنزل من لدن حكيم خبير  يبرأ  ساحة ذمي من تهمة السرقة ربما  إن ثبتت عليه لا يطبق عليه الحد  لكونه غير مسلمولربما عٌوقب برد ما سرق أو اخراجه من موقعه  لم يسكت عن إحقاق الحق واقراره وإنكار الظلم حتى ولو كان لعدو  ظاهر للمسلمين والرسالة . فأين تذهبون إذن أيها المرجفون في العقيدة؟!  أو من أين تأتيكم الحجة الدامغة في اجتياح كنائس النصارى وتفجيرها وقتل الأبرياء من الناس والحرس والمٌشاة فاتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله .
  • والمثال الثاني ليس من قريب جداً لكنه محفور في الأذهان خالدٌ لقيام الساعة وهو موقف الفاروق عمر بن الخطاب حين فتح عمرو بن العاص” مصر  وقدوم الفاروق عمر  لبلادنا مصر الكنانة  ليضع مبادئ وقيم عَلمهٌ إياها معلم البشرية الأول فصلى الظٌهر  خارج الكنيسة احتراماً لمشاعر الاقباط وحتى ينزع أي ضغينة باتت في الصدور وليعزز وبشكل مباشر معنى المواطنة والمشاركة المجتمعية في البناء والدفاع   رضى الله عنك يا عمر أيها الفاروق عٌمر  .
  • ولن أبرح حتى أذكر للفاروق نقيبة أخرى وفى نفس الموقع ومازال عمر الفاروق بديارنا مصر ” حينما أرسلت إليه نصرانية تشكو إليه جٌور  ” عمرو بن العاص ” عليها وتوسعة مسجده على حساب بيتها فنهره عمر الفاروق العادل : منذ متى والمسلمون يعمرون مساجدهم على جور أو ظلم لأحد .
  • آلا تكون تلك الآيات التي نزلت في شأن اليهودي وعفو عمر بن الخطاب  وسماحته واقرار العدل والسماحة مع أبناء العروبة والاسلام وغيرهم من أهل الكتاب كفيلة بأن ترجعوا إلى ما خلقتم لأجله .؟! وتتركوا مساكنهم التى هي أشباه ببيوت الثعالب والذئاب  والتي لا يأمن الناس غدراتهم .؟
  • الاسلام السمح لا يعرف الندية ولا الاسراف في القتل ظهوراً على الأخر إلا إذا اعتدى أو ابتدر العداء  فها هو فاتح بيت المقدس الأخير ومحرره ” الناصر صلاح الدين الأيوبي ” يعفو ويصفح عن أكثر من 7000 أسير  حين فتح بيت المقدس في حين كانت شوارع بغداد تعج بجثث  الشهداء  .  فأين أنتم من هؤلاء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه؟ بل أين أنتم من تلك السماحة ؟ بل أين أنتم ممن حرروا القدس من قبضة الغاصبين وأنتم أخر عزائمكم قتل الأبرياء من جنود مصر الذين قال فيهم النبي الأكرم ” خير أجناد الأرض . أين أنتم ممن يقتلون المسلمين والاقليات المستضعفة منهم في آسيا  وبورما وغيرها أين الغَيرة  التي تدّعونها أيها الخاسرون ؟؟!!!

– هذا بعض اجتهادي والله أعلى وأعلم رداً على افسادكم في الأرض بحجة واهية ساقطة باغية ،فيعرّج بي بساط الذكرى  ليحَلّق  لفترة ليست بالبعيدة لم تتخطى القرن من الزمان لكنها قد رسخت في أذهان البعض سجلتها الكتب ونسختها المواقع التِقّنية  وهى قصة اسلام ” “روجيه جارودي ” ذلكم المفكر  والفيلسوف الفرنسي الكبير الذي وصفه المفكر الإسلامي  ” فهمي هويدي ” بشيخ مشاغبي العصر  ” وهو صاحب الكٌتب التي هزت الأوساط الثقافية ومنها (  (الأساطير المؤسسة لدولة اسرائيل) .. الذي قدمه للمحاكمة والسجن مع ايقاف التنفيذ .. وآخر عطائه الفكري (أمريكا طليقة الانحطاط )…”  والذي اعتنق الإسلام عن فهم ودراسة وتجربه لتحقيق منهاجه فقال حين سئل عن سبب إشهاره اسلامه :-

– في اعقاب الحرب العالمية الثانية وعلى التحديد عام ( 1941) كان الالمان قد أوقعوا في الأسر مقاومةً للفرنسين  وكانت فرنسا آن ذاك تحتل الجزائر وتونس  وقال : وكنت ممن  وقعوا في الأَسر  فكنت بين الحين والحين أسّر لزملائي بحديث عن قيامنا بتمرد وعصيان حتى يخلّو سبيلنا  وتكرر الأمر حتى مَلّ القائد  الألماني منا ذلك فطلب من الجنود أن نٌكبل بالسلاسل ثم يطلقوا علينا النار .

– يقول روجيه : لاحظنا تباطأ ورفض الجند وتكسير الأمر ؛  تعجبنا  لذلك ما عاطفة الجنود نحونا ونحن من نحتل بلادهم ؟!  واحٌضرت السياط لهم ارهابا وتخويفاً لكنهم رفضوا : إن ديننا الإسلامي  يرفض قتل العٌذل والابرياء بغير وجه حق

فعلمت أن هذا الدين حق فراح يفتش ويبحث حتى هداه الله للإسلام  فانظروا أيها الجهال الحمقى كيف أن شميلة واحدة من شمائل هذا الدين السمح قد هدى الله بها أنفساً كادت أن تلج النار  انظروا لآثار رحمة الله بعباده  لكنكم تأبون إلا القتل والتدمير فالله حسبنا وإن جندنا هم الغالبون -بإذن الله  ما دمتم لا تتورعون عن قتل الأبرياء وإفساد الارض .

ألا تكون تلك القصة لكم رادعة مقنعة  وإن  حديثي ليس لكم – فحسبنا الله فيكم – فحديثي لشباب المسلمين والعرب حتى لا ينزلقوا انزلاق أشياعكم  .

يأيها الشباب العربي المسلم والكتاَبّي  :- اعلموا أنه ليس بوطني صادق من يتمنى  انهيار بلاده وضياعها وشتات أمرها حتى ولو كان الحاكم  مستعمراً وليس ابن البلد وربيب نيلها العظيم ، وأن من يسعى ليحرق المؤسسات ويفتك بالآمنين رجاء غياب الأمن وإسقاط الدولة  هو أناني وقح يسعى لنفسه فقط، ضالٌ فقد ما يؤهله ليكن محل ثقة وقيادة .

فأين حجتكم وأين برهانكم ؟؟ الذي سوف تلقون به ربكم يوم تقفون بين يديه عز وجل لتسئلون عما أجرمتم  وما اقترفتم من ظلم؟  إن كثيراً من أفعالكم تلك تجعل الحاقد والآخر يفعل فِعلكم ويلصق بالمسلمين والاسلام ذلك الفعل الخسيس ،وتتأصل لدى الآخر الذي يريد أن يسأل عن ديننا ليتبعه الفكرةٌبهمجية ووحشية المسلمين ، ونحن منها براء وأمثال ( صموئيل هنتنجنون ” كثرة في كل زمان  ومكان  يفرحون بما يجري ببلادنا من بني جلدتنا حتى يعززوا أفكارهم العفنة  الكاذبة . . فماذا تنتظرون ؟؟

وأخيراً لي رأي بشأن فتوى الخلافة فجئت بمثال أرجو أن يكون قد وفقني الله له ولا أكون قد أجريت قياساً لايجوز بأي حال لكنه اجتهاد المٌقارن والله يعلم نوايانا :

  • في بلادنا وعلى وجه الخصوص مصرومنذ أكثر من نصف قرن أو يزيد كانت ببلادنا نظام “الأٌسر الكبيرة والتي تشتمل على الجد والجدة والأولاد والحفدة ”  وأذكر مما نٌقل لنا أن أنظمة المعايش كانت على درجة من البساطة غير المكلفة أو المرهقة مادياً  ، فحين يشب عود البنين ويكبروا يسارع الوالد بالزواج لتقر عيناه برؤيا الحفيد ويبنى له حجرة أو حجرتين للمعيشة وكانت تسمى عندنا في تراث مصر ” المقاعد ” مفردها ” مَقعد ”  ثم يكون الحقل والعمل ووجبة الغداء عشّياً يجتمع حولها الجميع . حياة كانت على البساطة قائمة  وسبحان من يغير ولا يتغير .
  • مَرّ الزمان وانتعشت بلاد الخليج العربي بالذهب الأسود نسأل الله لها ازدهاراً وحفظاً من أعين الحاقدين ،وطٌلبت العمالة المصرية،  وانطلق الوالدان والرجال بحثا عن ” الدينار والدرهم” فعادوا  وقد بٌنيّت البيوت على مستويات متفاوتة واستقل الكثير عن بيت العائلة وتناثرت الأسر  تناثراً وتبدلت الأوضاع وصارت بيوت الطين اللبِن بسبة لا تكاد تذكر  بعدما كان من يبني بيتاً من الطوب الأحمر قلةٌ  قليلة .
  • السؤال الآن هل هذا التحول وذلكم التغير يعد خروجاً عن منهاج الدين أم أنه مواكبة لتطورات وتحولات العصر ؟؟  ، ونكاد نتفق جميعاً على أن البيئة العربية والمصرية قديماً كانت أكثر ترابطاً وحميمية عن زمننا هذا وهذا في حد ذاته ابتلاءً للناس بالنعيم والرفاهية ، فمن أبقى على الصلات والقرابة بالمعاونة والمشاركة والبر فقد حاز الخير كله ومن كان غير ذلك فإنما هو قاطع رحم .
  • هذا المثال أٌذكر به لكي تتضح لدى شبابنا أن فكرة الخلافة ليست من أصول الدين أو فروعه لكنها من صيغ وأشكال الحكم كما قال علماء المسلمين ، إذن الفروض الخمسة والنوافل والعبادات  وصلات الأرحام والعلاقات الإنسانية أبدى وأجدر بأن تؤتى  ونقول :  إن غالبية بلاد المسلمين والعرب قد حصلت على سيادة لها بعد الحرب العالمية الثانية ودفع الله الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بين أنيابهم سالمين فأصبح لكل بلد عربي سيادة وحدود مرسومة  يربط بيننا العرق والدم والدين والأنساب والوشائج التي تقوى من شوكتنا أمام الآخر إن أراد أن يتطاول علينا أو أن يمَّس بلداً أو قطراً عربياً بسوء، هكذا يكون الدين أما فكرة الخلافة  لا تتأتى بقتل أو بصناعة الضغائن والعدوات والافساد في الارض !
  • ألا تدرون أيها الجماعات المنتقبة بنقاب الاسلام المتشحة بسواد الرايات الرافعين للشهادتين والشهادتان منكم براء ومن أفعالكم كم من ثأر للأمهات الثكلى والزوجات والأبناء  والآباء في أعناقكم  ؟؟ الكثير والله- ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
  • وأخيراً وعفوا للإطالة فإن الصدور ينتابها الهَّم الجّم على ما نعانيه   .وأٌحمّل بعضاً من علماء المسلمين الذين يقفون على رؤوس فِرق إسلامية والتي تعددت وانشطرت عنها فرق  ، وللأسف- الغالب منها على اختلاف ليس عقائدي ولكنه شخصي وعصبية تعززه وتندس فيه أحقاد التحامل على البعض لتصير في مجرى الدم بين من ينتمى لهذا أو ذاك ، فتٌثبت وتٌرّسخ عقائداً لتكفير الآخر أو القول بأنه على باطل في حين ينظر الآخر من وراء جٌدر للشماتة وإظهار عيوبنا للعالم . نحن كما قال د/ عبد العزيز كامل ” في مقاله الرائع جسر من كلمات ونور: نحن بحاجة لجسر  من كلمات  ونور  ليربط بيننا لقد جاء هذا الرجل الكريم في مقاله المنشور بمجلة العربي منذ أكثر من ثلاثين عاماً بأمثلة رائعة ومميزة استطاعت التواصل بجسر من الوفاق وليس على حساب الدين والمبادئ ولكن من باب أن الاسلام دين سماحة ويسر واعتدال ينبذ الشحناء والبغضاء والتنافر . فذكر نصاً ( في هذا الحديث سوف نذكر نماذجاً وإن تغيرت في مظاهرها والتغير في الحياة يتدفق كما يتدفق النهر – إلا أن حقيقة كبرى تظل كامنة فيها متجلية منها ، حقيقةٌ يظل الأفراد وتظل المجتمعات في حاجة دائمة إليها )
  • ولعل هذا الكلام قد وفقني الله عز وجل إليه حين ذكرت بأن التغيّر قائم حتى الساعة لكن ثوابت العدل والرحمة والقيم هي ما تعدل من مساراته لتجعله مواكباً في غير نقص .

وعودة لصاحب المقال الطيب د/ عبد العزيز كامل / حين جاء بمثالين رائعين على البساطة والسمو والرفعة في نفس الوقت بل على اعتبارهما نموذجين للمذاهب المأخوذ بها والمعمول بنصوصها في عديد من بلاد الاسلام  ألا وهما الإمام مالك”  وتلميذه الشافعي”  وذكر كيف كان الود والاحترام بينهما على اختلاف المذاهب،  فالشافعي تلميذ الامام مالك”  ومع ذلك فمالكٌ قد أحاطه بالرعاية والعناية حتى صار صاحب مذهب وكتب خلدها له التاريخ وأقلام الثقات من الحفاظ ، ولن أسرد طويلاً لكنها قصة قصيرة أختم بها مقالي هذا ( ولنأخذ واسطة العقد  الامام الشافعي ، نصحبه وهو في حداثته في مكة يتلقى العلم في المسجد الحرام    ويختلف الى شيوخه ويتطلع ان يلتقى عالم  المدينة ؛  فسعى لخطاب تزكية من والى المدينة للإمام مالك يقول : وقد سار معه والي المدينة إلى بيت الامام مالك ، مٌتهيباً هذا اللقاء واستأذن وأعلم مالكاً عن طريق الجارية أن يحمل رسالة من أمير مكة فلما سلمه الرجل الرسالة رمى بها قائلاً : سبحان الله أو صار علم رسول الله يؤخذ بالوسائل  فرأيت الوالي قد تهيب أن يكلمه  فتقدمت اليه وقلت اصلحك الله أنا رجل مطلبي ( من بني عبد المطلب  وقص الشافعي قصته  وكان للإمام مالك فراسة العلم والدين فقال:

  • ما اسمك يا فتى قلت محمدا فقال : يا محمد ، اتق الله واجتنب المعاصي فغنه سيكون لك شأن من الشأن ، إن الله اذا ألقى في قلبك نوراً فلا تطفئه بالمعصية  واذا كان الغد تجيء ويجيء من يقرأ لك … وعاد الشافعي الى مكة بعدما تتلمذ على يد استاذه ومعلمه الامام مالك قد منحه الرعاية العناية وذكر الشافعي أنه ساندني حتى بالمعونة المادية وغيرها  وما كان للشافعي الذى تتلمذا على تلك المؤدبة المحمدية الرائعة ألا ينتهج نهج استاذه فذكر الكاتب كيف تتلمذ الامام احمد بن حنبل على يده الذي لقيه في مكة  ومساندته له في أعقاب خلاف الامين والمأمون وفرار بن حنبل الى مصر ومما نٌقل عن الامام بن حنبل قوله ” وددت أن الناس تعلموا هذا العلم ولا ينسب الى منه شيء ، فأٌجر عليه ولا يحمدنني الناس ) (  4 )
  • رعى الله زمناً كانت الأمة فيه بهذه الاخلاق وعلمائها بتلك القيم والمبادئ أما الآن فحدث ولا حرج ( فمن عرف ثلث العلم تكبر ومن عرف نصفه تجبر ) إلا من رحم ربك فأين من يعلم أن إحاطة العلم لرب السموات والارض . –
  • نحن بحاجة حقاً لذلكم الجسر  من كلمات ونور كما كتب استاذنا الكريم جسر يقف عائقاً وحاجزاً منيعاً أمام تهافت الآراء والالتفات إلى الشكليات التى فرض التغير والتحول الزمنى لها تحولاً دون بتر أو قطع لثوابت العقيدة ورفع الرحمة على العدل كما كان ديدن الصالحين من قبل .

آن لنا أن نتحد كأمة عربية على احترام سيادة كل دولة وجعل أولويات الدعم لشعوبنا العربية ولبلادنا وليكن اتحادنا اقتصاديا واجتماعياً وعلمياً ، ونعيد لحائط  الفصل  المدرسي خارطة الوطن العربي الكبير  والله من وراء القصد . نعم المولى  ونعم النصير .

 

  • هوامش :
  • مجلةالأزهر / الجزءالتاسعلعام 1989م / الخلافةوأزمةالعقلالإسلامي /أ.دمحمودحمديزقزوق /الصفحات /186/1863.
  • شبكةالالوكةآفاقالشريعة / مقالاتشرعية / الدعوةالإسلاميةبعنوان ” كيفسادهذاالدين 1″ محمدصادقعبدالعال.
  • شبكةالألوكة / آفاقالشريعة / مقالاتشرعية / خواطرإيمانيةودعوية / لمنالولاء .. وممنالبراء؟/  محمدصادقعبدالعال .
  • مجلةالعربي / العدد 346- ص 20/ 24/ جسرمنكلماتونوربقلمد/ عبدالعزيزكامل .

 

 

 

 

 

- Advertisement -

قد يعجبك ايضا
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق