التعليم ومحاكاة خطة وهمية لإصلاح التعليم الثانوى والتفاصيل…..

[ad id=”1177″]
قرار الوزير لنظام الثانوية العامة الجديد يتضمن أفكارا لو تم تنفيذها بدقة لأتت ثمارا جيدة للعلم والمتعلمين فى مصر، فالنظام الجديد يعتمد على البحث والدراسة وليس على الكتاب المدرسى، وإن كان بعض الخبراء لديهم تحفظات على هذا النظام، إلا أن الدراسة المعتمدة على البحث أفضل من المعلومات الجاهزة التى يحفظها الطالب ثم ينساها بمجرد خروجه من لجنة الامتحان، وهو ما أراد النظام الجديد تداركه بخلق نظام تعليمى يعتمد على البحث مما يخلق طلابا لديهم القدرة على التفكير والبحث العلمى، حيث يعتبر الطالب هو المسئول الأول عن عملية التعلم وليس المدرس، ولا يحتوى النظام الجديد للثانوية العامة على كتب دراسية ولا منهج محدد مما يؤدى إلى القضاء على الدروس الخصوصية وفقا لكلام الوزير.

[ad id=”1177″]
بينما يقتصر دور المعلم على تكليف الطلاب بالمهام والأبحاث التى من المفترض أن يستعين الطالب ببنك المعرفة الذى سيتم إطلاق منهج الثانوي عليه خلال الفترة القادمة، مع الاستماع لشرح بعض النقاط والتفسيرات من معلمه، على أن يعتمد أسلوب الشرح على التعلم الافتراضى بالرسوم المتحركة، ويقوم الطالب بشرح المعلومات التى وصلت إليه بينما يقوم المعلم بتصحيح الخطأ فقط، ولذلك يخصص النظام الجديد عددا من الدرجات للحضور المنتظم والتفاعل داخل الفصل والامتحانات الشفهية، التى تعد أحد أهم وسائل التقييم، ولذلك قررت الوزارة أن يتم إجراء هذه الاختبارات أمام معلمين من خارج المحافظة التى يدرس فيها الطالب منعا للوساطة والمحسوبية وللقضاء على استغلال بعض المعلمين سلطاتهم على الطلاب.
ويتطلب هذا النظام وجود تابليت مع كل طالب، وأوضح المتحدث الرسمى باسم الوزارة فى أحد البرامج التليفزيونية أن مد الطلاب بـ«التابلت» لن يتحمله ولى الأمر إنما تتحمل الوزارة جزءا منه والجمعيات الأهلية وبعض الشركات الخاصة المتطوعة، مشيرا إلى أن الوزارة ما زالت تبحث عن مصادر تمويل.
وبما أننا جميعا نعلم كيف تسير الأمور فى مصر، فمن المتوقع أن يتحمل ولى الأمر هذه التكلفة الإضافية، خاصة أن وزارة التربية والتعليم كان لها تجربة سابقة فى هذا الصدد، تم تطبيقها فى بعض المدارس التجريبية، حيث تم مدها بـ«سبورات ذكية» مرتبطة بشبكة كمبيوتر داخلية وشبكة الانترنت، وكان من المفترض أن يتم تسليم «تابلت» لكل طالب، إلا أن هذا لم يحدث، وتم تعيين متخصصين للتعامل مع السبورات الذكية وشبكة الكمبيوتر، ونتيجة لعدم تدريب المعلمين وعدم وجود أجهزة كافية لأعداد الطلاب المتواجدين فى المدارس، أصبح الاعتماد على الكتاب المدرسى وتحول «التابلت» الذى تسلمه بعض الطلاب إلى خردة أو لعبة تستخدم للتسلية وليس للمذاكرة.
[ad id=”1177″]
مشاكل
هذه التجربة تنذر بالخطر على مستقبل التجربة الجديدة، ويتزامن مع ذلك أحوال المدارس فى مصر والتى تكشفها الأرقام، فيكفى أن نذكر أن إحصاءات وزارة التربية والتعليم نفسها تؤكد أن هناك نقصا حادا فى المدارس، حيث يوجد فى مصر 2066 منطقة محرومة من المدارس فى 17 محافظة، ولا يستثنى من ذلك الوجه البحرى عن القبلى، فهناك 10279 قرية فى الوجهين لا توجد بها مدارس تقدر نسبتها بـ24.5% من القرى المصرية، وبذلك تحتاج مصر إلى إنشاء 232 ألف فصل دراسى تتكلف 51 مليارا و167 مليون جنيه، ولأن الحكومة عاجزة عن توفير هذا المبلغ تعمل 14.2% من المدارس بنظام الفترات للتغلب على هذه المشكلة، هذا بالإضافة إلى ظهور مشكلة كثافة الفصول والتى تصل فى بعض المدارس إلى 120 طالبا فى الفصل الواحد، أما بالنسبة للتعليم الثانوى فله مشاكله الخاصة، فهناك قرى لا توجد بها مدارس ثانوية، والمدرسة الواحدة تخدم عددا من القرى، والمدارس بعيدة عن القرى وبالتالى يصعب على الطلاب التوجه إليها يوميا، كما تعتمد الدراسة فى التعليم الثانوى بشكل عام سواء فى القاهرة أو المحافظات على الدروس الخصوصية، ولا يذهب الطلاب للمدارس حتى إن معظم المدارس الثانوية الحكومية بالقاهرة والمحافظات حولت فصول الصف الثالث الثانوى فيها إلى غرف للمعلمين أو معامل وما إلى ذلك.
أما المشكلة الأخرى فهى مشكلة نقص أجهزة الكمبيوتر، حيث تشير الإحصاءات إلى أن مدارسنا بها كمبيوتر لكل 300 طالب، وهو ما أدى إلى إلغاء الوزارة لاحتساب درجات مادة الكمبيوتر ضمن المجموع الكلى، واعتبارها مادة نجاح ورسوب فقط، فوفقا لتصريحات أحمد خيرى المتحدث باسم الوزارة فإن السبب وراء هذا القرار هو نقص البنية التحتية وعدم توافر أجهزة الكمبيوتر فى المدارس، مما جعلها دراسة نظرية فقط.

[ad id=”1177″]
وفى ظل كل هذه المشكلات هل سيكتب النجاح للنظام الجديد؟
يجيب عن هذا التساؤل أيمن البيلى رئيس نقابة المعلمين المستقلين، مشيرا إلى أن تطبيق أى نظام جديد يتطلب الإعداد له، وأى رغبة فى التغيير الجذرى فى التعليم لابد أن تبدأ من القاعدة المتمثلة فى المدارس الابتدائية وليس العكس، فكيف يتحدث الوزير عن تطوير التعليم الثانوى ولدينا  مليونان و300 ألف تلميذ بابتدائى يجهلون القراءة والكتابة؟ وأضاف: أن عدم الاهتمام بالتعليم الابتدائى يعنى الدفع بتلاميذ ضعاف إلى المرحلة الإعدادية والثانوية، وبالتالى فليس من المتوقع أن ينجح هذا النظام الجديد خاصة فى ظل المشكلات التى تعانى منها مدارسنا خاصة فى ظل نقص الإمكانات المادية وعدم تدريب المعلمين وانتشار الدروس الخصوصية أو ما يعرف بالتعليم الموازى.
وأشار «البيلى» إلى أن النظام التراكمى مطبق فى فنلندا وهو ناجح جدا لأن الدولة وفرت له كل عوامل النجاح، وأولها أنه نظام معمول به فى كل مراحل التعليم وليس الثانوى فقط، وبالتالى فالطلاب والمعلمون يعلمونه جيدا، كما أنه يستخدم التكنولوجيا بشكل كبير كوسائط تعليمية، والتعليم يتم من خلال التواصل الكترونيا بين الطلاب والمعلمين، ولذلك يرى «البيلى» أنه لنجاح هذا النظام فى مصر يجب أن يكون نظاما تعليميا شاملا مع تغيير المناهج وطرق عرضها بالكتاب المدرسى، الذى يجب أن يتم تسليمه للطالب مرة واحدة، وإنما تسليمه «الكورس» الدراسى على مرات، كما يجب تطوير أداء المعلمين وتدريبهم على طرق التدريس الحديثة والمختلفة وفقا لنظام التقييم الجديد، وتغيير نظام الكنترول إلى نظام مركزى الكترونى، وبذلك يكون التعليم والتصحيح الكترونيا، ويعرف الطالب درجاته من خلال الانترنت المتصل بشبكة مغلقة، تتيح للطالب معرفة درجاته بمجرد الانتهاء من الاختبارات.
[ad id=”1177″]
أفكار وهمية
ويلتقط الدكتور محمد الطيب الأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس وعضو المجالس القومية المتخصصة أطراف الحديث، مشيرا إلى ضرورة تطوير التعليم فى مصر كلها، فلا يمكن أن يكون لدينا نقص فى المدارس والطلاب مكدسون فى الفصول ولا توجد أجهزة كمبيوتر كافية بالمدارس ونتحدث عن نظام تعليم تراكمى يعتمد بشكل أساسى على الكمبيوتر، وكان الأحرى بالوزير التفكير بشكل عملى أكثر من هذا، فبدلا من الحديث عن نظام لا توجد مقومات لنجاحه، وأضاف ليس من المنطقى أن تكون لدينا فصول مكتظة بالتلاميذ ومعلمون غير معدين إعدادا جيدا ومناهج غير مناسبة لخلق متعلم حقيقى ونتحدث عن نظام غير قابل للتطبيق، وإذا كان هذا النظام مطبقا فى بعض الدول فهذا لا يعنى أنه يصلح لدينا، فالأحرى بنا إصلاح أوضاع التعليم من الابتدائى أولا، وإعداد المعلمين إعدادا جيدا قبل الحديث عن أفكار وهمية لإصلاح التعليم الثانوى.

[ad id=”1177″]

Related posts

Leave a Comment