يوم المرأة العالمي بين القبول والرفض

بقلم /محمد سعيد أبوالنصر
تاريخ يوم المرأة العالمي
تبنت الأمم المتحدة الاحتفال بيوم المرأة العالمي يوم الثامن من شهر مارس، منذ عام 1977م، وهذا الاحتفال بدأت المطالبة به ” بعد انعقاد المؤتمر الأول للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945، وهو اتِّحاد يتكوَّن من المنظمات الرَّديفة للأحزاب الشيوعية، ولم يتمَّ تخصيص يوم الثامن من مارس كيومٍ عالمي للمرأة إلا بعد سنوات طويلة من ذلك؛ لأنَّ منظمة الأمم المتحدة لم توافِقْ على تبني تلك المناسبةِ سوى سنة 1977، عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارًا يدْعو دول العالم إلى اعتماد أيِّ يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة، فقررتْ غالبية الدول اختيار الثامن من مارس. وبذا استطاعت الحركةُ النِّسوية أن تجعل للمرأة عيدًا سنويًّا، يسمُّونه يوم المرأة، وهو يوم الثامن من شهر مارس من كلِّ عام
موقف العلماء من يوم المرأة العالمي :
في يوم المرأة العالميِّ تحتفل النِّساء بهذا اليوم، يتحدَّثن فيه عن حقوق المرأة، وعن التَّمييز ضدها، وعن حقوقهن ومطالبهن ، فما هو موقف العلماء من هذا اليوم .
انقسم العلماء على فريقين في قبول ورفض ما يسمى بيوم المرأة العالمي
1-الفريق الأول :رفضه رفضًا تامًا وقال: أنه تقليد غربي لسنا في حاجه إليه بل إن الغرض منه هدم ومحاربة كيان الأسرة المسلمة حيث أن الداعين لهذا اليوم لهم عدة مطالب منها :
-مساوة الرجل بالمرأة .
-الدعوة إلى الحرية الجنسية والإباحية للمراهقين والمراهقات.
والمطالبة بالعَهْرِ والزنا، والمِثْلية الجنسية
-تشجيع جميع أنواع العلاقات الجنسية
-تهميش دور الزواج في بناء الأسرة
-إباحة الإجهاض
-تشجيع المرأة على رفض الأعمال المنزلية، بحجة أنها أعمال بغير أجر
-إباحة الشذوذ الجنسي، والدعوة إلى مراجعة ونقض القوانين التي تجرمه، وإقامة العلاقات غير الشرعيَّة، ومهاجمة قوامةَ الزَّوج على زوجته، ومهاجمة الإسلامَ؛ لأنه يفضِّل الرجال على النساء بزعمهن، ومهاجمة نظامَ المواريث في الإسلام، ومهاجمة العفَّة والأخلاق والانضباط.
-محاولة فرض مفهوم المساواة المطلقة في العمل، وحضانة الأطفال، والأعمال المنزلية، والحقوق، وغير ذلك
– بإلغاء التحفظات التي أبدتها بعض الدول الإسلامية على وثيقة مؤتمر بكين 1995م، ولذلك لم يجد أمين عام للأمم المتحدة غضاضة أن يصف الأسرة السوية، المكونة من رجل وامرأة بالأسرة التقليدية، مقابل الأسرة المعاصرة المتحضرة، التي تتكون من رجلين أو امرأتين.
لقد كان استهداف المرأة المسلمة مخططا محكم الدراسة من طرف الغربيين، وعلى رأسهم اليهود. جاء في بروتوكولاتهم: “علينا أن نكسب المرأة، ففي أي يوم مدت إلينا يدها ربحنا القضية”. ويفصح أحدهم عن المطلوب فيقول: “كأس وغانية يفعلان بالأمة المحمدية ما لا يفعله ألف مدفع ودبابة، فأغرقوها في حب المادة والشهوات”. ويقول أحد كبرائهم: “إن مكسبنا في الشرق، لا يمكن أن يتحقق إلا إذا خلعت الفتاة المسلمة حجابها، فإذا خلعت الفتاة المسلمة حجابها كسبنا القضية، واستطعنا أن نستولي على الشرق”.
2-الفريق الثاني قال: نقبل من هذا اليوم ما يتماشى مع شريعتنا الإسلامية وقيمنا وحضارتنا العربية فإذا كان الغرض من هذا اليوم هو الدفاع عن “حقوق المرأة وآمالها وتطلعاتها وأحلامها والدفاع عما تمتلكه من مهارات حقيقة تتناسب مع كونها امرأة ، وكونها قادرة على التميّز والتفوّق في كثير من الوظائف والمهام. فلا مانع .
بيد أننا لنا عدة ملاحظات حول يوم المرأة العالمي
ملاحظات حول يوم المرأة العالمي :
1- الإسلام ليس في حاجه إلى مثل هذه الأيام للدفاع عن حقوق المرأة ، فالشرع “لم ينتظر حتى تضطر النساء للإضراب عن العمل لنيل حقوقهن مثلما حدث لنساء أمريكا فقد كرَّمهن الشرع الحنيف منذ بداية الدعوة أحسن تكريم .. وصان عفتهم، وشرفهم، ومنحهم ما يستحقونه منذ بدأ الرسول تسطير قرآنه الكريم آية آية..!؟لقد غاظ هؤلاء التدين التي لا يزال المسلمون متمسكين بها، من حيث الحفاظ على الأسرة كتلة موحدة، يملؤها التقدير لأفرادها، والاحترام المتبادل بين مكوناتها وأركانها، فخططوا، ودبروا، فأنشأوا ما يقارب 24 مؤتمرًا دوليًا لمناقشة قضايا المرأة، لا من حيث الوضعية المزرية التي صارت إليها المرأة الغربية، ولكن لجعل نساء المسلمين يتشبهن بنسائهم، ويسرن على منوالهن، ابتداءً من مؤتمر نيروبي عام 1985م، إلى وقتنا هذا إننا مقتنعون بأن عيد المرأة الحقيقي هو يوم نزول القرآن، يوم أنزل الله قوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} التوبة: ,71 وعيد المرأة الحقيقي في خطبة حجة الوداع يوم قال النّبيّ صلّى اله عليه وسلّم: ‘أوصيكم بالنساء خيرًا’ فكانت وصيته بالمرأة من آخر الوصايا الّتي ودّع عليها أمّته. إن المرأة في ديننا الحنيف لا تحتاج إلى يوم نتذكر فيه حقها أو نؤدي فيه واجبنا لها وإنما كل يوم في ديننا هو يوم المرأة فيجب علينا أن لا نغفل عن حقوقها ولا ننسى واجباتنا تجاهها سواء كانت أماً أو بنتاً أو أختاً وقد أنزل الله في كتابه العظيم سوراً كاملة كان الحديث فيها في الأعم الأغلب عن المرأة وبيان منزلتها وقدرها والتعريف بحقوقها وواجباتها وما لها وما عليها وأقرئوا سورة النساء وسورة النور وسورة مريم وسورة المجادلة والطلاق والتحريم وغيرها من السور. إنهم يريدون لها حرية عرجاء مطلقة لا يقيدها قيد ولا يحدها حد فيرون أن من حق المرأة أن تلبس ما تشاء ولو أن تتعرى وتتزوج من تشاء ولو كان مشركاً بل ولو أرادت المرأة أن تتزوج امرأة مثلها فإن ذاك في نظامهم من حقها
ويدّعون أن الدين كبت المرأة وحرمها من التعليم والحرية فكانت امرأة جاهلة متخلفة تعيش في سجن كبير وتلبس خيمة سوداء وحجاباً يحجبها عن العالم الخارجي ومن أجل تحريرها من هذه القيود وفكها من هذه الأغلال قاموا بترسيم هذا اليوم العالمي لها وأقاموا المؤتمرات والندوات من أجل المطالبة بحقوقها واسترجاع مكانتها لتكون كالرجل في كل شيء سواء بسواء ولكنهم يريدون أن يأخذوا من الدين ما يشتهون ويتركون ما لا يوافق أهوائهم وشهواتهم وهدفهم في النهاية إنما هو تمزيق الفضيلة وإشاعة الفاحشة ونشر الرذيلة وبث الفوضى لقد أراد هؤلاء تحرير المرأة فاستعبدوها وزعموا تكريمها فأهانوها وادعوا إنقاذها فأهلكوها وظنوا أنهم فسحوا المجال لها وما علموا أنهم في الحقيقة سجنوها. لا يريدونها أن تبقى آمنة في سربها محفوظة بحيائها وسترها عابدة لربها راعية لأولادها مخدومة من زوجها وأهلها فاختزلوا حقوقها في التمرد على الدين والأخلاق والقيم والمبالغة في الزينة والشكليات والموضات والمظهر الخارجي. لقد طالب هؤلاء بإطلاق الحرية الكاملة للمرأة والمساواة المثلية بين الجنسين وعملوا على إلغاء دور الأب في الأسرة وأباحوا الإجهاض وسهلوا موانع الحمل وغضوا الطرف عن الفساد والشذوذ الجنسي والأخلاقي وزعموا ملكية المرأة لجسدها وسعوا لتمكينها في السياسات العامة وتوليتها المناصب الرئيسية والولايات الكبرى واستماتوا في إقحامها وتوريطها في أعمال لا تتناسب مع طبيعتها وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27]. .
2- المتحدثون عن يوم المرأة لم نجدهم يتكلمون على النماذج المظلومة من نساء الشرق كنساء العراق.. عشراتُ الآلاف من الأرامل، ومئاتُ الآلاف من الفتيات اليتيمات، وهؤلاء اللاتي وُلِدْنَ مشوَّهاتٍ نتيجة الأسلحة الفتَّاكة، وهؤلاء اللاتي فقدن بعض أطرافهن يدًا كانت أو رجْلاً، وهؤلاء اللاتي مزَّق الرصاص أجسادَهن، وهؤلاء اللاتي اغتصبَهن جنود الاحتلال في سِجن أبي غريب وغيره، وهؤلاء اللاتي يسكنَّ العراءَ؛ لأنَّ الاحتلال قصَفَ منازلهن فدمَّرها، وهؤلاء اللاتي لا يجدن في منازلهن كِسرةً من الخبز يأكلْنَها، وغيرهن. الكثير من المآسي والأحزان، والحقوق المنتهكة على أيدي جنود المحتلِّ الأمريكي، فيا تُرى من يهتم بحقوق هؤلاء؟! ألسن نساءً ولهن حقوق على المجتمع الدولي؟! لماذا لا يتدخَّلون ويقولون للعالم ارحموا هؤلاء النسوة
ومن المرأة العراقية إلى المرأة الصومالية، المرأة الصومالية كانت تفاضل بين أولادها، أيُّهم تعطيه كِسرة من الخبز ليعيش، وأيُّهم لا تعطيه تلك الكسرة فيموت جوعًا، لم نسمع أن هذه المنظمات النِّسوية العالمية أصدرت بياناتٍ، أو أرسلت قوافلَ إغاثية، أو سيَّرتْ رحلات استكشافية للواقع هناك، أفبعد هذا يتحدَّثْنَ عن حقوق المرأة؟!
ومن المرأة العراقية والصومالية الى المرأة السورية والفلسطينية كم من امرأةٍ فقدت زوجَها شهيدًا بعدما قصفتْه الطائرات ، فتحمَّلتْ مسؤولية الأبناء والبنات، وكم من فتاة فقدت والدَيها في قصفٍ، فقامت بدور الأمِّ والأخت، وكم فتاةً فقدتْ ذراعَها أو رِجْلها أو أصابتها شظيةٌ في عينها، كم وكم فهل نطقت هذه المؤسسات ببنت شفه ،الواقع محزِنٌ، والمآسيَ كثيرة، وهذا ما يكشِف لنا عوار دعَوَاتِ تحرير المرأة وإعطائِها حقوقَها، ويكشف لنا عوار المؤتمرات والنَّدوات العالمية، والاتفاقيات الدولية الملزِمة، وعلى سبيل المثال، فإن مجلس حقوق الإنسان الدَّولي، ناقش في يوم المرأة إعطاء المِثْليِّين من الجنسين حقوقَهم وتوفير الحماية لهم، كما كتبت بعضُ متزعِّمات الحركة النِّسوية المتطرِّفة مقالاتٍ في عدد من الصحف، خلتْ تمامًا من التعرُّض لأيٍّ من الظروف التي تعيشها المرأةُ بسبب الفقر أو الظروف السِّياسية السيئة، وكان كلُّ همِّهنَّ هو الحديثَ عن الحرِّية الجنسية، وقهر الأزواج المزعوم؛ متمثلاً في تعدُّد الزوجات، وفرض الحجاب على المرأة، ومنع المرأة من الوصول لكرسيِّ الحكم، وكأنَّ مشكلة المرأة هي أنها ليست عاهرةً، أو أنها لا تجلس على كرسيِّ الحكم، أو أن زوجها تزوَّج عليها. في المقابل نشر الكثير من الشباب وروَّاد المواقع الاجتماعية الكثير من الصور، التي تبيِّن الحالة المزريةَ لبعض الأُسَر، التي تعود قطعًا بالسلب على المرأة، فتظهر في إحدى الصور امرأةٌ وقد أخرجَت كِسرةً من الخبز من “برميل زبالة” وتعطيها لابنها، وأخرى تحمل ولدَها الذي تظهر عليه علامات البؤس والمرض وتقفُ به في الشارع؛ لعلَّ الناس يعطونها من فضل الله، أليس لمثل هؤلاء حقوقٌ أيضًا؟
3-إن المرأة المسلمة تواجه اليوم عدداً من التحديات الخطيرة ولهذا فإنها بحاجة ماسة إلى التسلح بالعلم والمعرفة بهذا الدين العظيم الذي تدين الله به لتعرف فضله عليها من سائر الأديان والملل الأخرى وما قدمه لها هذا الدين من عقيدة وشريعة وعدل وأمن ورحمة ومساواة وما أثبته لها من خصائص وسمات في الحقوق والواجبات وما قدمه لها من ضمانات دنيوية وأخرويه. على المرأة المسلمة أن تحصن نفسها من هذه المشاريع الهدامة والمخططات المشبوهة التي يروج لها هؤلاء في وسائل الإعلام ويسمون أنفسهم بدعاة تحرير المرأة فيدغدغون عواطف النساء ويستغلون حاجتهن وظروفهن ويلبسون عليهن باسم الدين والمصلحة ليصلوا بهن إلى الفوضى الاجتماعية والحياة البهيمية فتصبح المرأة ألعوبة بأيديهم وأداة لتحقيق مآربهم يقول الله جل جلاله مخاطباً نساء النبي صلى الله عليه وسلم والخطاب لغيرهن من باب أولى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.
4- مع كل ما قدمناه فإننا لا نستطيع تجاهل اليوم العالمي للمرأة فهو من الأيام المطروقة بقوة إعلاميًا ومؤسساتيًا -شئنا أم أبينا- فقناعتي أن لا نشيح الوجه عنه أو نتجاهله بل نتعامل ونتفاعل معه بإيجابية، ونهتبل هذه الفرصة ونغتنم هذه السانحة لتبيان التصور الإسلامي لقضايا المرأة، الّتي تطرح في مثل هذه المناسبات، وتبحث عن إجابات، فهذا منبر نبرز من خلاله مكانة المرأة ومركزها وحقوقها وواجباتها في الإسلام، بل أدعو إلى تبنّي مشكلات المرأة والإحساس بآلامها وتحريرها من تقاليد راكدة فاسدة، وتحريرها -أيضًا- من أفكارٍ هدّامة وافدة على حد سواء. و بعض التصرفات التي تصدر من البعض يحاسب عليها أصحابها ولا يحاسب عليه الإسلام ،فما علاقة الإسلام برجل لا يخاف الله، يضرب زوجته ضربًا مبرحًا، وما علاقة الإسلام بجاهل حرم المرأة من التعليم، وما علاقة الإسلام بظالم حرم المرأة حقها وميراثها… فيا أيّتها الدرّة الغالية: أمّاً، أختًا، بنتًا، زوجًا، إن الإسلام يحترمك ويقدرك ويرفع مقامك وشأنك فمِن حقّك أن تشعري بالاعتزاز والافتخار على نساء الدنيا بهذا الدِّين العظيم الّذي كرّمك أيّما تكريم، وأنصفك أعظم إنصاف.

Related posts

Leave a Comment