<>

بقلم :- هانى عبد الرحمن لاشين

اعتقد أن فساد العقل أشنع أنواع الفساد وذلك لقبحه الشديد, ولأن من يفسد عقله تفسد تباعاً مشاعره وعواطفه وانطباعاته الشخصية. ودلائل العقل الفاسد منها على سبيل المثال: اعوجاج طريقة التفكير, فيتم قلب الحق باطلاً والباطل حقاً تشويه الوقائع والحقائق وفقاً لنزعات شخصانية ضيقة الأفق, واستخدام ملكات العقل المختلفة لنشر الفساد والشر في الأرض, وليس لفعل الخير, والأشد ضرراً حول فساد العقل يتمثل في استعمال البعض له بقصد تشويه كل ما هو بريء وطاهر وصالح وإيجابي في الحياة الإنسانية.

وإذا كانت الممارسات المعتادة للفاسدين تؤدي إلى حدوث كوارث اجتماعية واقتصادية مختلفة, ولكن فاسد العقل سيحاول قدر ما يستطيع أن يدمر جذور القوة المعنوية في المجتمع وهدم أسسه وتطلعاته الأخلاقية فُيُكَذِّب الصادقين ويُشوه سمعة المستقيمين أخلاقياً.

توجد إشارات واضحة تدل على فساد العقل, فيميل هذا النوع من الأفراد الى الإثارة للإثارة فقط, فيبالغ في تشويه وقائع المجتمع, وينفي احتمال وجود الاستقامة الأخلاقية لدى الآخرين, وسيُحاول إحباط كل تصرف أو نشاط إيجابي يمكن أن يبث الأمل والتفاؤل في المجتمع.

فاسد العقل سيحاول قدر ما يستطيع إفساد عقول الناس عن طريق إحباط عزائمهم الخيرة, وتثبيط إراداتهم الإيجابية فيبث لسانه المشقوق ويداه المعوجتان اللتان ترتعشان على لوحة مفاتيح اللاب توب والهاتف الذكي كل أنواع الشرور في المجتمع بدءا من الشائعات المغرضة وانتهاء بكل تصرف سيئ ينفر منه العقلاء والحكماء والناس الأسوياء.

بالنسبة لي على الأقل لا يوجد شيء أسمه فساد القلب, ففساد تلك العضلة في الصدر ما هو سوى نتيجة مباشرة لفساد ما يوجد في بعض جماجم فاسدي التفكير. فمهما حاول البعض تسويغ فساد عقولهم بادعائهم أنهم يمارسون حرية الرأي والتعبير, ولكن شتان بين أفكار ومضامين مُغرضة وبين ممارسة حرية رأي وتعبير مسؤولة يتم فيها تبادل آراء ومقترحات عقلانية ومعتدلة ومنطقية وصادقة.

من يبطر بالنعمة, ويحاول قدر ما يستطيع تحريض الأفراد ضد مجتمعهم الذي ولدوا وتربوا ونشأوا فيه هو فاسد العقل? على سبيل المثال, من يحاول التقليل من قيمة المواطنة الصالحة ويحاول قدر ما يستطيع التقليل من أهمية الولاء والانتماء للوطن ويبث بذور الخصومة والخلاف في النسيج الاجتماعي الوطني هو بشكل أو بآخر ليس فاسد العقل فقط بل هو منحرف التفكير, وسيئ الطبع, لا يستحق نعم الأمن والأمان والحياة الكريمة والآمنة التي يوفرها له وطنه ومجتمعه

Related posts

Leave a Comment