بعد حروب الوكالة … حروب قديمة جديدة مستحدثة

 

كتب د ضياء الدين القدرة


الحروب الهادئة .. ليست محرمة دوليا …
لكن تستخدم الآن دون معرفة مرتكبيها.

هذه النوعية العجيبة من الحروب، هي صامتة باردة، لا تترك شظايا أو رائحة، ولا تملأ الجو دخاناً أو بارودا، ولا تخلف وراءها آثار تدمير.

حروب لا ترى فيها فوهة المدافع، ولا تسمع فيها أصوات قذائف الدبابات، ولا لإطلاق الصاواريخ الموجهة ضد دول متصارعة ..

إنها الحروب الحديثة، أسلحة العصر المتطورة الفتاكة، والأكثر شراسة، إنها الحرب البيولوجية.

يمكنك بكل بساطة عن طريق إطلاق فيروسا ما بأحد الفيروسات أو الجراثيم أن تهزم دولاً بأكملها وتدمر اقتصادها وتشل حركتها وتعلن فيها حالة الاستنفار القصوى كما لو أنها في حالة عدوان خارجي.

المتابع لما يحدث في الصين الآن نتيجة العدوى بفيروس كورونا الجديد والمنتمي لسلالة متلازمة “سارس” إلا أن كورونا الجديد تم تطويره لينتقل بين الأشخاص وليس فقط من الحيوان للإنسان .

الحرب البيولوجية يطلق عليها أيضا الحرب الجرثومية أو الميكروبية، وهي تُصنَّف ضمن أسلحة الدمار الشامل، ولا تقل شراسة عن الحرب النووية والكيميائية، بل هي أخطرهم لأنها أقلهم تكلفة وأوسعهم انتشارا وأبطأهم احتواءً.

مخطئ من يظن أن الحرب البيولوجية وليدة العصر، بل هي أقدم أنواع الأسلحة على الإطلاق، وهي حروب في الخفاء لا يمكن الإعلان عنها، والتاريخ حافل بنماذج كثيرة تم استعمال الحرب الجرثومية فيها.

حيث تطورت الوسائل مع تطور العصر، ففي العصر الحديث وفي الحرب العالمية الأولى استخدمت ألمانيا ميكروب الكوليرا والطاعون في حربها ضد إيطاليا وروسيا.

واستخدمت بريطانيا جرثومة الجمرة الخبيثة أحد أنواع الأنثراكس الثلاثة كسلاح بيولوجي في الحرب العالمية الثانية في جزيرة جرونارد الإسكتلاندية، وظلت اسكتلاندا تعاني من آثار هذه الجمرة حتى عام 1987.

وفي الحرب العالمية الثانية أيضاً قامت الوحدة 731 اليابانية بنشر ميكروب الكوليرا في آبار المياه الصينية حيث تسببت في قتل ما يقارب من عشرة آلاف شخص.

وقبل ذلك بقرنين من الزمان وتحديداً عام 1763 قامت بريطانيا بقتل ملايين الهنود الحمر بالبطاطين الملوثة بفيروس الجدري الفتاك والذي يُصنف بالسلاح البيولوجي عالي الخطورة لقدرته على الفتك بشعوب بأكملها في خلال شهر واحد فقط.
فقام الرجل الأبيض دون رحمة بنشر الوباء بين شعب الهنود الحمر سكان الأرض الأصليين فأباد الملايين منهم في صمت ليحتل أرضهم ويؤسس ما عرف لاحقاً بالأمريكتين.

منذ تأسيسها بعد إبادتها للهنود الحمر لازالت الولايات المتحدة الأمريكية تتصدر ذلك النوع الأبشع من الحروب البيولوجية الفتاكة.

إن الحروب بجميع أنواعها حروب بشعة، إلا أن الحرب البيولوجية أبشعها على الإطلاق، فهي تستهدف المدنيين ولا تفرق بينهم وبين العسكريين، ومما يزيد الحرب بشاعة أنك لا ترى خصمك ولا تشعر به لتتهيأ له في اللحظة المناسبة، بل تتم مباغتتك بشكل لا تتوقعه.

وقذارة تلك الحرب تتمثل أيضا في أن الدول التي تطلق هذا النوع من الحروب تستطيع أيضاً التحكم في تصنيع الأدوية المضادة واللقاحات والأمصال مما يجعل الأمر يتحول إلى مافيا تتصارع فيها شركات الأدوية المصدرة لتلك اللقاحات.

نحن في العالم العربي تتم ممارسة هذه الحرب علينا منذ زمن عن طريق المحاصيل المسرطنة وتلويث مياه الشرب ونشر فيروسات الكبد الوبائي وفيروس انفلونزا الطيور وغيرها.

Related posts

Leave a Comment