شباك مكسور في مسرح الطليعه

شباك مكسور في مسرح الطليعه
رؤية مسرحية بقلم : محمد الشريف
تختلف الكتابة للمسرح من كاتب لآخر ومن عصر لآخر , و يتناولها الإخراج المسرحي أيضا بما يتاح لمخرجها من عناصر مسرحية تشمل الممثل و أدواته الأخرى من ديكور و إضاءة وآليات تنفيذ تلك العناصر , حتى تصل للمشاهد علي خشبة المسرح كما أراد الكاتب و كما رآها المخرج و شعر بمفرداتها الممثل .
والأصل – كما أكرر دائما في كل رؤية نقدية لأي عمل مسرحي – هي خشبة المسرح وليس النص المسرحي لأنه ( المسرح ) نشأ و تطور علي أيدي الممثل , وإن كان الممثل في غير صورته التى نراها الآن من حيث الفكر و العقيدة ال
مسرحية و الأداء المتطور مع تطور العناصر المسرحية , وتطور أكاديميته الموجه

smart
ه لتركيز الفكره وساعد في ذلك نص جيد ومخرج رشيد .
عرض شباك مكسور :
تناولت الروايه المسرحية مقطع مطول من قصة حياة أسرة بسيطة مكونه من أب و أمه العجوز و زوجته المعلمة و بنتين أحدهما في مرحلة الثانويه وأختها الكبرى وأخيهما .
يعيشون في إحدي الشقق السكنية ويبدو من تداخل الجيران إلي درجة أن أحدهم حاضراً متواجداً في كل صورة عائلية لهم في الفرح والحزن علي حد سواء كما ورد على لسان الأب , يبدو من ذلك أن الحي السكنى الذي تقطنه الأسرة حي سكنى متواضع كما هو حال الأسرة التي يعجز عائلها عن تصليح الشباك المكسور
وتدور الأحداث لتسير بالزمن في سرعة غير موضحه حتى تعود الإبنة الكبري التى تزوجت في بداية العرض مع ولديها لمنزل الأسرة بعد أن هجرها زوجها أيضاً لضيق الحال .
وبعد أن زادت الأسرة في عددها بعودة الإبنة بولديها , شعر الأب الكبير بضيق الحال أكثر من قبل , فقرر الخلاص من الجميع , بوضع السم في طبخة مكرونة أعدها بيديه وأكل منها الجميع .
العناصر المسرحية في شباك مكسور :
1 – الممثل
حمل الأب مسؤولية الراوي في العمل فبدى وكأنها مونودراما مسرحية من خلال مشاهده التى أراد فيها من خلال خطاب مباشر للجمهور شرح الشخصيات و دورها و تأثيرها في الأسرة , قام بذلك الفنان الممثل و الإعلامي أحمد مختار بدقة و يسر و تلقائية في الأداء المحبب للجمهور فتشعر به و كأن عينه في عينيك ويقصدك أنت بالشرح أيا كان مكان مقعدك أمام خشبة المسرح ,
وكانت الزوجة , قامت بالدور الفنانه القديره نادية شكري , علي الرغم من صغر مساحة الدور إلا انها استطاعت ببراعة الأداء وتقمص الشخصية أن تصعد بالعمل إلى محل كبير من الإعراب المسرحي , في دور الزوجة التي تتحمل الظروف المعيشية الصعبه التي تمر بها الأسرة ولا تشتكي , فتتخذ بذلك سبيلا للتدين النسبي و الإيمان أن الله وحده القادر علي العون و التغيير , تخلل الدور التي قامت به الفنانه الكبيره مشهد تمثيلي من أروع مشاهدها المسرحية وأعتقد هنا أن فكرة النص كلها تمحورت فيه وتركزت في مفرداتها التي أدتها ببراعة وتقمص .
ساعد أيضا أداء الإبنة الكبري في إحياء النص والفكره , وكذلك الإبنه الصغري التي أعتقد أنها – علي الرغم من موهبتها المؤكده – أنها أضيفت للتجميل وأثرنة – من الإثارة – العرض بالحديث عن الجن , والتى أعتقد أنها لم تصل كما قصدها الكاتب لضعف العناصر المسرحية الآخري مثل الديكور و الإضاءه .
2 – الديكور
لم أر علي خشبة المسرح ما يتناسب مع العرض من ديكور , وقد يختلف أحدهم أو يتفق معي ولكن كان العرض عرض الممثل و الممثل فقط وكأن الديكور شيئاً لم يكن .
هناك أيضاً بعض الأدوات التي استخدمها المخرج شادي الدالي والتي في ظني أنها اجتهاده الشخصي سواء بالإتفاق مع المؤلفة الكاتبه رشا عبد المنعم أم لا مثل اللازمه الحركية لزوج الإبنه الكبرى و اللازمه باللفظ التي استخدمها الجار ( إبعت ) فقد جعلت من الرؤية المسرحية التي تشمل علي مأساة أسرية متنفساً للكوميديا
وأعتقد أن ذلك من خلفية المخرج كممثل في بعض الأدوار الدرامية .
استطاع أيضا المخرج شادي الدالي أن يتخذ من ذلك الشباك المكسور نافذة تليفزيونية لإضافة بعض المشاهد المكتوبه أيضا بقصد الترويح وإسالة النص المآساوي إلي قليل من الكوميديا , أداها أيضا ببراعة أحد الممثلين الشبان المشاركين في العمل بقدرته علي تناول شخصيات متباينة في زمن مسرحي قصير,
كذلك شخصية الإبن التى أداها ممثلها ببراعة , أضافت حيز فكري أو سياسي للنص و العمل ككل علي الرغم من عدم أقتناعي الشخصي بمناسبتة للدور من حيث الشكل فظهر الإبن أصلع يضع علي وجهة نظارة تبدو و كأنها ذات عدسات صفراء أكلت نصف وجهه في إضاءة معتمه , استعاض عن ذلك بأدائه التمثيلي المُجيد وصوته المسرحي , وهنا نجد عنصر مسرحي آخر افتقر العمل إليه كثيرا و لم نراه إلا علي وجه الأم العجوز التي تقضي يومها في الحديث عبر الهاتف الذي ليس به خط تليفون أصلا …ألا وهو الماكيير .
كذلك الملابس , لم تعكس الملابس الحاله البائسة التي أوصلت الاب لوضع السم في المكرونه لأسرته , خصوصاً أن الأم في مشهدها المونودرامي العظيم تحدثت عن الملابس و كيف تجمع القماش فوق القماش لتستر به جسدها و لم يعكس الزي المسرحي لها و لباقي الممثلين ذلك أبدأ وكذلك البنات و الأب و الإبن .
وإطلالة أخري علي ما تقدم فإن العروض المسرحية متطورة وترتكز أحيانا علي بعض الإمكانيات و استعادة بعض العناصر المفتقده , وعرض شباك مكسور علي مسرح الطليعة من أهم العروض المسرحية التي تستحق المشاهده و هنيئاً لكل المشاركين به .

Related posts

Leave a Comment